98

Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat

تفسير العثيمين: فصلت

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٧ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

فَيَومٌ عَلَينا ويَوْمٌ لَنا ... ويَوْم نُساءُ ويَوْم نُسَرُّ
الوَجْهُ الثَّاني: لدُنُوِّها لأنَّها سابِقَة للآخِرَةِ فهِي أدْنَى إلَى المَخْلُوقاتِ مِن الآخِرَةِ، كما قال تَعالَى: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ٢٣]؛ أي قَريبَةٌ.
يَقولُ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى﴾ أشَدّ ﴿وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾، بمَنْعه عَنْهم]، اللَّام في قَولِه: ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ﴾ يُسمُّونها لامَ الابْتِداءِ وهِي للتَّوكِيدِ؛ ولِذلِك إذا جاءَتْ (إنَّ) تُزَحْلِقُ اللَّامَ فتُؤَخَّرُ عَن مَكانِها وتَكونُ في المُتَأخِّرِ مِن اسْمِ (إنَّ) أوْ لِخَبَرِها، وإنَّما زَحلَقْناها لِئَلَّا يَجتَمِعَ في أوَّلِ الكَلامِ مُؤكِّدان مُتَوالِيان؛ ولِهَذا نَقولُ: إنَّ اللامَ في قَولِه: ﴿وَلَعَذَابُ﴾ هِي لامُ الِابْتِداءِ وتُفِيدُ التَّوكِيدَ، ويَدُلُّ هَذا على أنَّها مَع (إنَّ) تُزَحْلَق حتَّى تَبْعُد عَنْها.
قال اللهُ تَعالَى: ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى﴾ يَعنِي: أشَدَّ خِزْيًا والعِياذُ باللهِ؛ لِأنَّ عَذابَ الدُّنْيا لا يَسْمَعُ به مَن سَبَقَ، ولا يَراه مَن لَحِقَ، لا يَسْمَعُ بِه مَن سَبَقَ؛ لِأنَّه جاء بَعْدَهم، فالقَوْمُ الَّذِين قَبْلَ عادٍ ما عَلِموا بذَلِك، والقَوْم الَّذِين بَعْدَهم ما رَأوْه، سَمِعوا بِه ولَم يَرَوه، لَكِن في الآخِرَةِ سَماعٌ ورُؤيَةٌ والعِياذُ باللهِ، الَّذي يُعَذَّب في الآخِرَةِ سَماعًا ورُؤيَةً يَسمَعُه كُلُّ أحَدٍ؛ السَّابِقُ واللَّاحِقُ، ولِهَذا قال: ﴿أَخْزَى﴾، ثُمَّ هُو أيْضًا ﴿أَشَدُّ﴾ كَما قال تَعالَى في آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾ [طه: ١٢٧] أشَدُّ وأعْظَمُ مِن عَذابِ النَّارِ، أعاذَنا اللهُ وَإيَّاكم مِنْها.
قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾، هَذِه استِئْنافِيَّةٌ يَعنِي: إنَّهم في الآخِرَةِ لا أحَدَ يَنْصُرُهم، ففِي الدُّنيا رُبَّما يُنصَرُ الإنْسانُ مِن العَذابِ بِدَفْعِه قَبْل وُقُوعِه أوْ رَفْعِه بَعْد وُقُوعِه، لَكِن في الآخِرَةِ لا ناصِرَ.

1 / 102