146

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

جُملة ﴿تَهْتَزُّ﴾ فِي مَوْضِعِ نَصْب عَلَى الحالِ، وليست مفعولًا ثانيًا؛ لأن (رأى) البَصَرِيَّة لا تنصب إلا مفعولًا واحدًا.
قَوْلُهُ تعالى: ﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ هي الحيَّة الصغيرة، وتشبيهُ العَصا بالجانِّ لسُرعة حركتها، ولكن المُفَسِّر ﵀ فَسَّر الجانَّ بأنها الحيَّة الصغيرة، وَاللَّهُ تعالى يَقُولُ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾ [الأعراف: ١٠٧]، والثعبان هو الذَّكَرُ مِنَ الحيَّات الكبير، ويجمع بينهما بأنه أَوَّلَ مَا ألقاها صارت كالجانِّ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَضَخَّمَت، حَتَّى صَارَتْ ثُعبانًا مُبِينًا عند السَّحَرة.
قوله تعالى: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾ أي: هاربًا منها، وهذه الجُملة جوابُ ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾، و﴿مُدْبِرًا﴾ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَلَّى﴾، ويُسَمُّونها حالًا مُؤَكِّدة؛ لأن التَّوَلِّيَ معناه الإدبار، فهي حالٌ مُؤَكِّدَة لعامِلِها؛ إِذْ إِنَّ مَعْنَى الإدبار مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَلَّى﴾، ولكنها جاءت للتأكيد، وقوله: ﴿مُدْبِرًا﴾ يعني: ولَّاها دُبرَه، وَلِهَذَا قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [هَارِبًا]؛ لأن الهارب ينصرف عَكْسَ اتجاهِه، فأنت أولًا تنصرف عَنِ الشَّيْءِ فتُسمَّى مُوَلِّيًا، ثم تُسَمَّى هاربًا إذا انْصَرَفْتَ باتجاهٍ مُعَاكِس.
قوله ﵎: ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ يقول المُفَسِّرُ ﵀: [أَيْ: يَرْجِعُ، فَنُودِيَ: ﴿يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ﴾]، ولهذا يَنْبَغِي أَنْ نَقِفَ عَلَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾؛ لِأَنَّه لَوْ وَصَلْنَا ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ بقوله: ﴿يَامُوسَى﴾ لظنَّ الظانُّ أَنَّ الْكَلَامَ واحدٌ، ولكن الكلام انفصل، فقال: ﴿يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾.
قوله تعالى: ﴿أَقْبِلْ﴾ مُقابل التولي، و﴿وَلَا تَخَفْ﴾ مُقابل الهَرَب؛ لأن الهارب يكون خائفًا، ثم طمأنه بقوله: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾؛ تأكيدًا لقوله: ﴿وَلَا تَخَفْ﴾؛ لأن الآمِن لَا يَخَافُ، وإنما يخاف مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أمنٌ، وهنا قال: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾

1 / 150