Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
وقوله: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ﴾ هُمَا عِنْدَنَا الآن ثَمَانِي سِنِينَ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ، وعشرٌ، وهي نفلٌ مِنْ مُوسَى، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ﴾.
قوله تعالى: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ أي: قضيتُ به، أو فرغتُ منه، والقضاء بمعنى: الْفَرَاغِ مِنَ الشَّيْءِ، وَمِنْهُ قَولهُ تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [فصلت: ١٢]، أي: أَتَمَّهُنَّ، وانتهى منهن، وَهَذَا هُوَ مَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَأَمَّا فِي الاصطلاح، فَإِنَّ الْقَضَاءَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: مَا فُعِلَ بَعْدَ فَوَاتِهِ، ولهذا يقولون: الرَّجُلُ إِذَا صَلَّى الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوَقْتِ تُسمى قضاءَ، وَكَذَلِكَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْضُهَا، فقام يصلي، فهذا يسمى قضاء، ولهذا يقولون: إنه يقرأ فِيهِ سُورَةً مَعَ الْفَاتِحَةِ، ويستفتح، ويتعوَّذ، كأنه الآن قَدْ دَخَلَ فِي الصَلَاةِ.
والصَّواب أَنَّ قَضَى هُنَا بِمَعْنَى الإتمام، أي: انتهى مِنَ الشَّيْءِ، وَفِي مَسْأَلةِ الصلاة يُفسره قول الرَّسُول ﷺ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: "وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا" (^١).
قوله تعالى: ﴿فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾: (لا) نافية، والعُدوان معناه: الظُّلم والاعتداء، يعني: فإذا قضيتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ؛ فَإِنَّهُ لَا عُدْوَانَ عَلَيَّ بذلك؛ لأنني أتممت العَقْدَ، ومَن أَتمَّ العَقد فَإِنَّهُ لَا اعْتِدَاءَ عَلَيْهِ، وَالْعُدْوَانُ فِي مِثْلِ هَذَا الْعَقْدِ يكون -كَمَا قَالَ المُفَسِّرُ ﵀[بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ]، وَهَذَا صَحِيحٌ، فقول المستأجِر لموسى: زِدْ. هُوَ مِنْ بَابِ العُدوان.
كذلك ﴿فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ في إلزامي بِمَا لَا يَسْتَطِيعُهُ العقل، كَمَا لَوْ طَلَبَ مِنْهُ مثلًا أن يرعى الْغَنَمَ لَيْلًا وَنَهَارًا، كَذَلِكَ لَا عُدْوَانَ عليه بمُماطَلَتِه في الأجرة، فإذا
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب قول الرجل: فاتتنا الصلاة، رقم (٦٣٥)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، رقم (٦٠٣).
1 / 117