109

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

والجوابُ: أنه يُفْهَمُ مِن سؤال البنات، وسياق القصة، عندما قَالَتْ إِحْدَاهُمَا: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾، والعَمَل الذي أمامه الآنَ هُوَ رَعْيُ الغَنَم، فعُرف بِذَلِكَ أَنَّ صاحِبَ مَدْيَنَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مُوسَى ﵊ في رعي الغَنَم ثمانيَ سنوات؛ فإنْ أَتَمَّ عَشْرًا، فَمِنْ عِندِه، يعني: السَّنَتان تكونان تَبَرُّعًا، وَالْعَقْدُ عَلَى ثَمَانِي سنوات. وقوله تعالى: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [بِاشْتِرَاطِ العَشْرِ]، وَقَوله هَذَا فِيهِ نَظَرٌ ظاهرٌ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ العَشر لو قَبِلَه موسى، فلا مَشَقَّةَ فِيهِ، وإلَّا لَقُلنا: إن اشتراط الثماني بدل الست فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾ أي: فِي حَالِ معاملتك فِي تَنْفِيذِ العَقد، أي: يَا مُوسَى، سأتساهل لَوْ مَرَّ يَوْمٌ، أَوْ أيام ما رعيت فيها. وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أو حصل عليك أثرٌ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ فإنني لا أَشُقَّ عَلَيْكَ بهذا. وتكون عدم المَشَقَّةُ فِي تَنْفِيذِ الإجارة، أَمَّا فِي زِيادَةِ المدة، فليست بمشقَّة، وإلا لَوْ قُلْنَا: إِنَّ الثمانيَ بالنِّسبة للسِّت تكون مَشقة. فالصَّواب بلا ريب: لَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ حالَ تنفيذ العَمَل؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُوُل: عندك مَشَقَّةٌ فِي المُعَامَلَةِ فِي حَالِ تَنْفِيذِ العَقد، تجده -مثلًا- لَا يَسْمَحُ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ، وإذا مرض يُلزمه، أَوْ يَقُوُل: عَوِّضْنِي عَنْ هَذَا الْيَوْمِ، أو أَسْقِطْ لِي مِنَ الأجرة، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهُوَ يَقُوُل: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾. وَلِهَذَا قَال: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، فوعده فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿سَتَجِدُنِي﴾ فِي المُسْتَقْبَلِ؛ لأن السين هَذِهِ تُحَوِّل المضارع إلى المستقبل، وهي -كما مَرَّ علينا- تُفِيد التحقيق والتقريب، فَفِيهَا ثَلَاثُ فَوَائِدَ إِذَا دَخَلَتْ على المضارع:

1 / 113