127

Tafsir Al-Uthaymeen: Saba

تفسير العثيمين: سبأ

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (١٦) * * * * قالَ الله ﷿: ﴿فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦)﴾ [سبأ: ١٦]. وقول المُفَسَّر ﵀: ﴿فَأَعْرَضُوا﴾ [عَنْ شُكْرِهِ وَكَفَرُوا] الفاء هنا عاطِفة؛ يَعنِي: أنهم مع هذه النَّعَم؛ جَنَّاتٍ وبَساتينَ عَظيمةٍ وبلَدٍ طَيَّب ومَغفِرةٍ للذنوب إذا قاموا بطاعة الله، قال تعالى: ﴿فَأَعْرَضُوا﴾ يَقول المُفَسِّر ﵀: [أَعْرَضُوا عَنْ شُكْرِهِ وَكَفَرُوا]، فأَعرَضوا عن الشُّكْر وقابَلوا هذه النَّعْمةَ بالكُفْر فماذا كانت عاقِبَتُهم؟ قال تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ﴾ والفاءُ هنا عاطِفة وتُفيد السبَبية أيضًا؛ أي: فبِسَبب إِعْراضهم أَرْسَلْنا عليهم سَيْل العرِم، وهذه سُنَّة الله ﷾ في خَلْقه كما قال الله تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢)﴾ [النحل: ١١٢]، هؤلاء أَعرَضوا فدمَّرَ الله تعالى دِيارهم. وقوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ﴾ [جَمْعُ عَرْمَةٍ، وَهُوَ مَا يُمْسِكُ المَاءَ مِنْ إِنَاءٍ وَغَيْرِهِ إِلَى وَقْتِ حَاجَتِهِ، أَيْ: سَيْلَ وَادِيهِمُ المَمْسُوكِ بِمَا ذُكِرَ، فَأَغْرَقَ جَنَّتَيْهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ]. ﴿سَيْلَ الْعَرِمِ﴾، العَرِم بمَعنَى: السَّدِّ، يَعنِى أنَّ هذا السَّيْلَ مَنسوب إلى السدِّ، أو بمعنى: سَيْل العرِم، من باب إضافة الشيء إلى صِفَته، أيِ: السَّيْل العارِم الجارِف

1 / 133