56

Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman

تفسير العثيمين: لقمان

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

لأنَّه إذا تَغيَّر أُسلوب الكلام لا بُدَّ أن يَنتَبِه، وهنا الفائِدة الثانية في هذا: بَيان القُدرَة أنَّ الأرض مُفْتَقِرَة إلى السماء. وقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ وهو المَطَر، والمُراد بالسماء هنا العُلُوُّ؛ لأن المطَر ليس يَنزِل مِن السماء التي هي السَّقْف المحفُوظ، وإنما يَنزِل مِن العُلُوِّ. وقوله ﷾: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا﴾ في الأرض ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾، يَقول المُفَسِّر ﵀: [﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ صِنْف حَسَن] (صِنْف) تَفسير لـ ﴿زَوْجٍ﴾، و(حَسَن) تَفسير لـ ﴿كَرِيمٍ﴾، وعِندي أن الكريم هو الحسَن وزِيادة، وهو ما يَنتَفِع الناس به مِن هذا النباتِ، كأنَّه رجُل مِعْطَاءٌ يُعطِي ويُغدِق هذا الخيرَ فهو نَبَاتٌ حَسَن، ومع ذلك نافِع بسبَب ما فيه، والزوج يَأتي بمَعنَى: الصِّنْف، ومنْه قوله تعالى: ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (٥٨)﴾ [ص: ٥٨] ومِنه قوله تعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ [الصافات: ٢٢]، أي: أَصنافَهم وأَشكالهَم. واللَّه أَعلَمُ. من فوائد الآية الكريمة: الْفَائِدَة الأُولَى: إثباتُ خلقِ اللَّه تعالى لِلسَّموات. ويَتَفرَّع على هذه الفائِدةِ: إبطالُ قولِ الفلاسِفة في قِدَم الأفلاك، فالفلاسِفة يَقولون: إنَّ الأفلاك قَديمة، وأنها لا تَتَغيَّر؛ لأنَّ القديم عندهم الذي لا ابتِداءَ له، ومَا لا ابتِداءَ له لا انتِهاءَ له، فيَكون في هذا إبطالٌ لِقولِ الفلاسِفة: إن الأفلاك قديمة وإنَّها لا تَتَغَيَّر. ومِن ثَمَّ أَنكَرُوا انشِقاقَ القمر إنكارًا شديدًا، وقالوا: القمَرُ لا يُمكِن أن يَنشَقَّ؛ لأنَّه مِن الأفلاك، وإنَّما مَعنَى قوله ﷾: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾ [القمر: ١]؛ أي: بَانَ صِدْقُ الرِّسالة، وأَنكَرُوا الأحاديث الوارِدة في ذلك والتي تَلَقَّتْها الأُمَّة بالقَبُول.

1 / 60