118

Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman

تفسير العثيمين: لقمان

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

أنَّه نِعْمَة، وشيءٌ باطِن لا يَتبَيَّن أنَّه نِعْمَة إلَّا فِيمَا بَعْدُ. ثُمَّ قال ﷾: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾ قوله ﷿: ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾: (مِن) للتَّبعيض، وقدِ اختَلَف المُعرِبون في (مِن) التَّبعيضية، هل هي اسمٌ، لأنها في مَعنَى (بَعْض)، أو أنَّها حَرْفٌ دَالٌّ على هذا المَعنَى. وعلى هذا الاختِلافِ يَنبَغي الاختِلافُ في الإِعْراب: فإذا قُلْنا (مِن) اسم بمَعنَى (بَعْض)، فإننا نَقول: (مَن) مُبتَدَأ، و﴿مَنْ يُجَادِلُ﴾ خبَرُه، وإذا قُلْنا: إنها حَرْف، فانها تَكون حرفَ جَرٍّ، والجارُّ والمَجرور مُتعَلِّق بمَحذوف خبَر مُقدَّم، و﴿مَنْ يُجَادِلُ﴾ مُبتَدَأ مُؤخَّر. قال المُفَسِّر ﵀: [﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ أي: أهل مَكَّةَ] بِناءً على قاعِدته ﵀ أن كل السُّوَر المَكِّية يُحمَل فيها العُموم بمِثْل هذا السِّياقِ على الخُصوص: وهم أهل مَكَّةَ، والصواب أنَّ ذلك عامٌّ، يَعنِي: من الناس من أهل مَكَّةَ وغيرهم. وقوله تعالى: ﴿مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ المُجادَلة مَأخوذة من الجَدْل، وهو فَتْل الحَبْل لإِحْكامه، ومنه ما يُسمَّى الجَدائِل، جَدائل المرأة أي: فَتْل رأسها وإحكامها، هذا مَعناها في اللغة. لكن في الاصطِلاخ المُجادَلة: هي المُمانَعة، بمَعنَى: أن كل واحِد من المُتَناظِرين يُحكِم الحُجَّة من أَجْل إفحام خَصْمه، فهي إِذَن إحكام الحُجَّة لإِفْحام الخَصْم وتَعجيزه. والمُجادَلة إن كانت بعِلْم وحِكْمة فهي مَمدوحة بلا شَكٍّ، وقد تَكون واجِبة

1 / 122