111

Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman

تفسير العثيمين: لقمان

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الكَيفِيَّة، أمَّا باعتِبار الكَمِّيَّة فأحيانًا رُبَّمَا تُضْطَرُّ إلى رَفْعِ الصوت، ولهذا قال تعالى: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾ يَعنِي: أحيانًا، لكِنْ في بعضِ الأحيان تَسْتَدْعي الحالُ أن تَرْفَعَ صَوْتَك بِقَدْرِ ما تُسْمِع.
ثُمَّ علَّلَ بقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ﴾ يُحتَمَل أن يَكُون مِن كلام لُقْمَانَ ﵇؛ لأنه الأصْل، ويُحتَمَل أن يَكُونَ مِن كلامِ اللَّه تعالى خَتَمَ اللَّهُ به الآيةَ.
وقولُه: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ﴾ تَعْلِيلٌ لقولِه ﷾: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾، ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ﴾ يَعنِي: أقبحَها وأبْشَعَهَا، ولَيْسَ أعْلَاها، لكِنْ أَنْكَرَهَا، لأنَّ في الحيْوَان مَن هو أعلَى صوْتًا مِن الحِمَار، لَكنْ في القُبْح ليس هناك أَقْبَحُ مِن صَوتِ الحَمِير.
وقولُه تعالى: ﴿أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ الجُمْلة هذه مُؤَكَّدَة بِمُؤَكّدَين وهي (إنَّ) واللَّام، ووَجْهُ ذلك ما ذكَرَه المُفَسِّر ﵀: أنَّ أوَّلَه زَفِير وآخِرَه شَهِيق.
والفَرْق بين الزَّفِير والشَّهِيق أن الشَّهِيق يَكونُ بَاطِنًا في الصَّدْر، والزَّفِير يَكُون خَارِجًا؛ ولهذا قال اللَّه ﷾: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ [الفرقان: ١٢].
وكذلك الآيةُ الثانية: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦]، هذا باعتِبار السَّاكِنِين، وقال في آيةٍ أُخْرَى: ﴿سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ﴾ [الملك: ٧] فَذكَرَ اللَّه تعالى لِلنار زَفِيرًا وشَهِيقًا كما أنَّ لِسَاكِنِيها -أيضًا- زَفِيرًا وشَهِيقًا، نَعُوذُ باللَّهِ تعالى مِنه.
قال تعالى: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ انْتَهَتِ الوِصَايَة النَّافِعَة التي هِي مِن الحِكْمَة التي أَعْطَاهَا اللَّهُ تعالى لُقْمَان ﵇.

1 / 115