تفسير العثيمين: فاطر

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
9

تفسير العثيمين: فاطر

تفسير العثيمين: فاطر

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

بدليلِ أنَّ العِفْريتَ من الجِنِّ قال لسُلَيْمانَ لمَّا قال ﴿أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ﴾ [النمل: ٣٨ - ٣٩] وكان له عادة أنَّه يقوم في وقتٍ مُعَيَّنٍ فقال: ﴿قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ﴾ يعني: في الوَقْتِ المُعَيَّنِ وإلَّا لكانَ الأَمْرُ مُبْهَمًا ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ [النمل: ٤٠]. يعني مثلًا: إن نَظَرْتَ مثلًا أَبْعَد شَيْءٍ - هم قالوا هكذا - قَبْلَ أن يرتَدَّ إليه طَرْفُه، فإنَّه يأتيه به، وفِعْلًا أتاه؛ ولهذا قال: ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا﴾ [النمل: ٤٠]. قال العُلَماء ﵏: إنَّ الذي عنده عِلْمٌ من الكِتابِ كان يَعْرِفُ اسْمَ الله الأَعْظَمَ، وأنَّه دعا باسْمِ اللهِ الأَعْظَمِ، فحَمَلَتْه الملائِكَةُ وأَلْقَتْه بين يَدَيْ سُلَيْمانَ، وهذا يَدُلُّ على أنَّ المَلائِكَة أَسْرَعُ من الجِنِّ، ولا شَكَّ في هذا؛ أنَّهم أسْرَعُ وأَقْوى، فهم لَهُم أَجْنِحَةٌ يَطيرون بها بِسُرْعَة فائقة عَظيمَةٍ. جبريل ﵊ كان له سِتُّ مِئَة جَناحٍ (^١)، كلُّ جناحٍ له قوَّة عظيمَةٌ في الحَمْل والطَّيَران، ماذا تكون سُرْعَتُه؟ لا شكَّ أنَّها سُرْعَةٌ فائِقَة جدًّا؛ لأنَّنا إذا رأينا الآن الطَّيَّاراتِ النَّفَّاثَةَ أَجْنَحِتُها التي تَحْمِلُها وهي المراوِحُ التي تُدْخِلُ الهواءَ ليَحْمِلَ الطَّائِرَةَ لا تَبْلُغُ هذا المبْلَغَ ولا عُشْرَه، ومع ذلك تَنْتَقِل بهذه السُّرْعَة العَظيمَة وهذا الإرتفاعِ العَظيمِ، فجبريلُ ﵊ له سِتُّ مِئَة جَناحٍ قد سَدَّ الأُفُقَ، وهذا يَدُلُّكَ على أنَّ لهم سُرْعَةً فائِقَةً عَظيمَةً.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين، رقم (٣٢٣٢)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى، رقم (١٧٤)، من حديث ابن مسعود ﵁.

1 / 13