تفسير العثيمين: فاطر

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
79

تفسير العثيمين: فاطر

تفسير العثيمين: فاطر

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

من كان يريد العِزَّةَ، أو (فَلْنُطِعْهُ) بالنون. أفاد المُفَسِّر ﵀ أنَّ جوابَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، وهو قَوْله: [فَلْيُطِعْهُ]، ولكن الصَّوابَ أنَّ التَّقْدير: (فَلْيَطْلُبْها من الله)، (من كان يريدُ العِزَّة فلِلَّهِ العِزَّة جميعًا فَلْيَطْلُبْها منه) ويَشْمَلُ الطَّلَبَ بلِسانِ الحالِ وبِلِسانِ المَقالِ. أما على رأي المُفَسِّر ﵀ فإنَّ الطَّلَبَ يَخْتَصُّ بلسانِ الحال فقط، فالصَّوابُ إذن أنَّ جوابَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، تَقْديره: (فَلْيَطْلُبْها منه) لِيَشْمَل ذلك طَلَبَ الحالِ وطَلَبَ المقالِ، فطَلَبُ المقالِ أن تقول: (اللَّهُمَّ أَعِزَّني)، (اللَّهُمَّ اجعل لي العِزَّةَ على عَدُوِّي) وهكذا، وطَلَبُ الحال: أن تقومَ بطاعَةِ الله بل بطاعَةِ الله مع تَحْقِيق الإيمان؛ لأنَّ الله ﷾ يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المُنافِقون: ٨]. وقد ذُكِرَت العِزَّة في مواضِعَ كثيرةٍ من القُرْآن، ومنها قَوْله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المُنافِقون: ٨]، وَقَوْله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: ٥٤]. قَوْله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾: ﴿إِلَيْهِ﴾ جارٌّ ومَجْرورٌ مُقَدَّمٌ على عامِلِهِ وهو ﴿يَصْعَدُ﴾ والضَّميرُ في ﴿إِلَيْهِ﴾ يعود إلى الله ﷿، لمَّا ذكر أنَّ العِزَّةَ لله جميعًا بيَّنَ ﷾ ما يكون من أَسْبَابِ العِزَّة، فقال: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾. قَوْله تعالى: ﴿يَصْعَدُ﴾ أي: يَرْتَفِعُ ويَعْرُج الكَلِمُ الطَّيِّب. يقول المُفَسِّر ﵀: [يَعْلَمُه] ففَسَّرَ صُعُودَ الكَلِمِ الطَّيِّبِ بِعِلْمِ الله إياه، وهذا تحريفٌ للكَلِمِ عن مواضعه، بل المُرَادُ بالآيَة ظاهِرُها، أنَّ الكَلِمَ الطَّيِّبَ يصعد إلى

1 / 83