تفسير العثيمين: فاطر

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
62

تفسير العثيمين: فاطر

تفسير العثيمين: فاطر

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

فنقول: إنْ مَنَعَكَ ما هو لك فقد ظَلَمَك، وإن مَنَعَك فَضْلَه فَفَضْلُ الله يؤتيه من يشاءُ، ولولا أنَّك لَسْتَ أَهْلًا للهِدايَة ما منعك الله هدايته. قَوْله تعالى: ﴿وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ المُرَاد بالهِدايَة هِدايَةُ التَّوفيقِ، وربَّما نقول: هِدايَة التَّوفيق والدَّلالَة، ولكنَّ الأَهَمَّ هو هِدايَة التَّوْفيقِ، ولَعَلَّ هذا هو المُرَادُ هنا؛ لأنَّ الذين أضَلَّهُم الله قد هداهم الله هِدايَةَ الدَّلالَةِ؛ كما قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ [يونس: ٢٥] وهذا عامٌّ، ولكنَّ الهِدايَة أن يهدي من يشاء إلى صراطٍ مُسْتقيمٍ. وَقَوْله تعالى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ هل هذا النَّهْيُ نَهْيٌ عما كان أو نَهْيٌ عما لم يَكُنْ؟ الظَّاهِرُ أنَّه نَهْيٌ عما كان، وأنَّ الرَّسُول ﵊ يتَحَسَّر على هؤلاء المُكَذِّبين الذين كانوا يُكَذِّبونَه ويَضيقُ صَدْرُه، ويقول ﷿: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٣]، فـ ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ﴾ أي: مُهْلِكٌ نَفْسَك، ﴿أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾. فالرَّسُول ﵊ تَحَسَّر لهؤلاء لعَدَمِ إيمانِهِم، والنَّهْي عن الشَّيْء قد يكون نَهْيًا عما كان وقد يكون نَهْيًا عمَّا لم يكن؛ فَقَوْله للنَّبِيِّ ﵊: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٣ - ٢١٤] هذا نهيٌ عما لم يكن؛ لأنَّ الرَّسُول لم يَدْعُ. قَوْله تعالى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ يعني: لا تذهب نَفْسُك من أجْلِهم، كما يقال: (بكيت عليكَ الدَّهْرَ) أي: من أجْلِكَ، فالمَعْنى: لا تَذْهَبْ نَفْسُك من أجلهم حَسَرَاتٍ. قَوْله تعالى: ﴿حَسَرَاتٍ﴾ قيل: إنَّها حالٌ على أنَّها مَصْدَرٌ أريد به اسْمُ الفاعِلِ؛ أي: حاسِرَةً، والحَسْرَة هي الهَمُّ الشَّديدُ والغَمُّ على ما فات، وكلُّ من فاته شَيْء يُحِبُّه

1 / 66