157

تفسير العثيمين: فاطر

تفسير العثيمين: فاطر

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٢٢)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [فاطر: ٢٢].
* * *
قوله: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾ هذا هو الرَّابع، قال المُفَسِّر ﵀: [المُؤْمِنون ولا الكُفَّار] فعلى كَلَام المُفَسِّر يكون في الآيَة تَكْرارٌ؛ لأَنَّه فسَّر الأَوَّل ﴿الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ بالكافِرِ والمُؤْمِن، وهنا قال: ﴿الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾ [المُؤْمِنون والكُفَّار] ولو أرَدْتُ أن أَسْلُكَ مَسْلَكَه لقلت: ﴿الْأَحْيَاءُ﴾ ذوو العِلْمِ و﴿الْأَمْوَاتُ﴾ ذوو الجَهْل؛ لِقَوْلِه تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ١٢٢]؛ ولأنَّ الله تعالى جَعَلَ الوَحْيَ رُوحًا تَحْيا به القُلُوبُ والنُّفُوس، ولكنَّني لا أَسْلُك مَسْلَكَه، إنَّما لو أرَدْتُ أن أَسْلُك مَسْلَكَه لقلت: (الأحياء والأَمواتُ: العُلَماء والجُهَّال)، لأنني إذا سَلَكْتُ هذا المَسْلَك فعندي على ذلك البُرْهان، وهو قَوْله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا﴾ إلخ [الأنعام: ١٢٢] فإذا سَلَكْتُ هذا المسلك سَلِمَتِ الآيَةُ من التَّكرارِ.
ونحن نَعْلَم جميعًا أنَّ من القواعِدِ المَعْروفة في الكَلَام أنَّه إذا دار الأَمْرُ بين حَمل الكَلَامِ على التَّأْسيسِ أو على التَّوْكيدِ وَجَبَ حَمْلُه على التَّأْسيسِ؛ لأنَّه هو الأَصْل، فالأَصْلُ في الكَلَام أن يكون مُسْتَقِلًّا مُؤَسِّسًا لا مُؤَكِّدًا.

1 / 161