147

تفسير العثيمين: فاطر

تفسير العثيمين: فاطر

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

قَوْله تعالى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ المَصيرُ؛ بمَعْنى المَرْجع كما قال المُفَسِّر ﵀، وجُمْلَةُ ﴿وَإِلَى اللَّهِ﴾ مُتَعَلِّقٌ بالمَحْذُوف خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، و﴿الْمَصِيرُ﴾ مُبْتَدَأٌ مؤَخَّر، وهذه الجُمْلَةُ تُفيدُ الحَصْر؛ لأنَّه قدَّمَ فيها الخَبَر وحَقُّه التَّأْخير؛ يعني: إلى الله وَحْدَه المصيرُ؛ أي: المَرْجِعُ، وهل هذا في الدُّنْيا أو في الدُّنْيا والآخِرَة؟
الجوابُ: في الدُّنْيا والآخِرَة، فإلى الله المَصيرُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، فمَرْجِع الأُمُورِ كُلِّها إلى الله ﷿ سواءٌ كانت في الدُّنْيا أم في الآخِرَة.
فالأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ مَرْجِعُها إلى الله كما قال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: ١٠]، والأَحْكَامُ الكَوْنِيَّة مَرْجِعها إلى الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [الحج: ١٤]، والأَحْكَام الجزائِيَّة التي تكون يوم القِيامَة مَرْجِعُها إلى الله، فمصيرُ كُلِّ شيْء إلى من أبدع وأَحْدث كلَّ شَيْء، والذي أَبْدَع الأُمُورَ وأَحْدَثها هو الله ﷾.
إذن: مَرْجِعُها إلى الله، فمنه المبتدأ وإليه المنتهى.
قال المُفَسِّر ﵀ تَفْريعًا على قَوْله تعالى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [فيجزي بالعَمَل في الآخِرَة] وهذا إشارَةٌ من المُفَسِّر ﵀ إلى أَنَّه قَصَرَ المَصيرَ هنا بالمَرْجِع يوم القِيامَة، والصَّوَاب العُمومُ، وعلى هذا فهو ﷾ يجازي، ويَحْكُم قَدَرًا، ويَحْكُم شَرْعًا بين عباده.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ الإِنْسَانَ لا يَحْمِل آثامَ غَيْره؛ لِقَوْله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.

1 / 151