Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar
تفسير العثيمين: الزمر
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
والمُجرِمين إذا مرَّ بهم المُؤمِن التَّقيُّ جعَلوا يَضحَكون ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ﴾ أي: إذا مرَّ المُؤمِنون بالمُجرِمين أو المُجرِمون بالمُؤمِنين كِلاهما ﴿يَتَغَامَزُونَ﴾ يَغمِز بعضُهم بعضًا، فانظُرْ إلى هذا المِسكينِ، وانظُرْ إلى ثِيابهم مثَلًا! ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ يَعنِي: يَرجِعون إلى أهلهم فَكهين، أي: مَرِحين مُتفَكِّهين بما قالوا في هؤلاء المُؤمِنين.
وقوله ﷾: ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾ والفاعِل في الفِعْل ﴿رَأَوْهُمْ﴾ المُجرمون، والمَعنَى: إذا رأَى الذين أَجرَموا هؤلاء المُؤمِنين ﴿قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾ تائِهون، وهذا هو الواقِعُ حتى في الوقت الحاضِر إذا رأَوُا المُتدَيِّن قال: هذا مُتخَلِّف، هذا رَجْعيٌّ، أو هذا أُصوليٌّ، يَعنِي: مُتشَدِّدًا، وما أَشبَه ذلك.
ثُمَّ قال ﷾: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٣٤] في يوم القِيامة تَحصُل الضِّحْكة من المُؤمِنين على الكافِرين، وهذه الضِّحكةُ ليس بعدَها بكاءٌ، أمَّا ضِحكة أُولئِك فبعدَها البُكاء والألَمُ والحَسْرة.
وقوله تعالى: ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ [المطففين: ٣٥] يَنظُرون ما أَنعَم الله تعالى به عليهم، ويَنظُرون ما عذَّب الله تعالى به هؤلاء.
ثُمَّ قال الله تعالى: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المطففين: ٣٦]، فهؤلاءِ المُجرِمون يَبدو لهم يوم القِيامة ما كانوا يَستَهزِئون به من شريعة الله تعالى، وجزاء الله تعالى، وما أَشبَه ذلك، وقد كانوا يَسخَرون بالرَّسول ﵊ وبما وَعَد به من النعيم، وبما وعَدَ به من العذاب، ويَقولون: يا مُحمَّدُ، إن كُنتَ صادِقًا أننا سنَلقَى هذا فلْيَكُن لك أنتَ، ففجِّرِ الأرض يَنابيعَ، واجعَلِ الرِّياض مَزارعَ نَخيلٍ، وما أَشبَه ذلك.
وهل يَرَى المُؤمِنون هؤلاءِ يَوْم القِيامة يُعذَّبون؟
الجَوابُ: نعَمْ، يَرَوْنهم ويَتَخاصَمون معَهم ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِين
1 / 346