59

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

لَزِمَ أَنْ تَكُونَ السَّماءُ الثَّانيَةُ أوْسَع مِنَ الأُولَى؛ لأَنَّها دَائِرَةٌ، والثَّالِثَةُ: أَوْسَع مِنَ الثَّانيَةِ، وهَلُمَّ جرًّا.
ولهذَا قَال ﷿: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَينَاهَا بِأَيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧)﴾ [الذاريات: ٤٧] كُلَّما ارتَفَعت فِي السَّمواتِ اتَّسعَتِ السَّمواتُ، وهِيَ طِبَاقٌ بلَا شَكٍّ كَمَا فِي القُرآنِ الكَرِيمِ وكَمَا جَاءَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ النُّعمَانِ ﵁، أمَّا الأرْضُ فهِيَ طِبَاقٌ أيضًا بدَلِيلِ أن مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ الَّتِي نحْنُ عَلَيهَا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ، ولَوْلَا أن الأَرْضَ الثَّانيةَ تَحْتُ، والثَّالِثَةَ تَحتَهَا، وهكَذَا لَمْ يُطوَّقِ الإنسَانُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ؛ لأنهُ ما غَصَبَ إلَّا ظَاهِرَ الأرْضِ، فتكُونُ الأَرَضُونَ طِبَاقًا.
أمَّا كَيفَ هَذه الطباقُ، فإِلَى الْآنَ لَمْ نَصِلْ إِلَى عِلْمٍ بِهَا، وعُلمَاءُ الجُيولُوجيا الَّذِين يَحْفرُون أعمَاقِ الأرْضِ لَا يَطَّلِعُون عَلَى هَذَا، فهُوَ مجْهُولٌ لَنَا، لكِنَّ الحدِيثَ: "طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ" يَدُلُّ عَلَى أنَّها طِبَاقٌ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثْبَاتُ هَذَينِ الاسمَينِ للهِ ﷾، وَهُمَا ﴿الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ واعلَمْ أخِي أن كُلَّ اسْمٍ مِنْ أسمَاءِ اللهِ فهُوَ مُتضمِّنٌ لصِفَةٍ، فالعَزِيزُ مُتضمِّنٌ لصِفَةِ العِزَّةِ، والعَلِيمُ مُتضمِّنٌ لصِفَةِ العِلْمِ، ولَيسَ كُلُّ صِفَةٍ يُشتَقُّ مِنْهَا اسْمٌ؛ ولهَذَا نَقُولُ: إنَّ بَابَ الصِّفَاتِ أوسَع مِنْ بَابِ الأَسْمَاءِ؛ لأنهُ يُوجَدُ صِفَاتٌ لَيسَ لله مِنْهَا أسمَاءٌ، لكِنْ لَا يُوجَدُ اسْمٌ إلَّا ومنْهُ صِفَةٌ، واللهُ أَعلَمُ.
* * *

1 / 63