Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
ﷺ، فالعُروبَةُ لَا تُغنِي شَيئًا مَعَ الكُفْرِ، فإِذَا اجتمَعَ الدِّينُ والدُّنيا فَمَا أحْسَنَ الدِّينَ والدُّنيَا إِذَا اجتَمَعَا: صَارَ مُسلِمًا وعَرَبيًّا.
فإِنْ قَال قَائِلٌ: هَلْ فِي القُرآنِ مِنَ الكلِمَاتِ مَا لَيسَ بعَرَبيٍّ؟
فالجَوابُ: لَا، أبَدًا، كُلُّ مَا فِي القُرآنِ عرَبيٌّ، لكِنَّ بعضَهُ مِنْ صَمِيمِ اللُّغةِ العَربيَّةِ، وبعضَهُ مُعرَّب، أَي: أصْلُهُ غَيرُ عرَبيٍّ لكنَّهُ عُرِّب، وإِذَا عُرِّبَ صَارَ عَرَبيًّا، فإنَّهُ لمَّا تَكَلَّم بِهِ العَرَبُ صَارَ عرَبِيًّا للاستِعْمَالِ وإِنْ كَانَ أَصْلُهُ غَيرَ عرَبِيٍّ، أرَأَيتَ أنْتَ إِذَا أخذْتَ الجِنْسِيَّةَ فِي بَلَدٍ تَكوُن مُنهُمْ، وأنْتَ فِي الأَصْلِ مِنْ غَيرِهِمْ، فلَيسَ فِي القُرآنِ مَا لَيسَ بعَرَبيٍّ.
وأمَّا قَوُله تَعالى: ﴿سُنْدُسٍ﴾، ﴿وَإِسْتَبْرَقٌ﴾ ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فإنَّ هَذه عُرِّبت فصَارَتْ مِنْ كَلَامِ العَرَبِ.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن الحُجَّة لَا تَكُونُ إلَّا بالفَهْمِ، أَي: أن الحُجَّةَ لَا تَقُوم عَلَى العِبَادِ إلا إِذَا فهِمُوها، لقَولِهِ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ والعَقْلُ هُنَا بمَعْنَى الفَهْمِ، فَلَوْ تُلِيَ القُرآنُ عَلَى رَجُلٍ أَعْجميٍّ لَا يَعرِفُ معنَاهُ ولَمْ يُقَلْ لَهُ: هَذَا كَلَامُ اللهِ. فإنَّهُ لَا حُجَّةَ قَائمَةٌ، ويدُلُّ لهَذَا قولُهُ ﷿: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤]، فهذ مسأَلةٌ عظِيمَةٌ؛ الحُجَّةُ لَا تَقُومُ عَلَى العِبَادِ إلَّا بفَهمِهَا ومعرِفَةِ مَعْناهَا، وإلَّا فأَيُّ حُجَّةٍ فِي رَجُلٍ يَتكَلَّمُ بكَلَامٍ لَا نَفهَمُه؟ ! لَا حُجَّةَ؛ ولذَلِكَ لَوْ قَامَ أعجمِيٌّ أمَامَنا ونحْنُ عرَبٌ لَا نَعرِفُ لُغتَهُ وتَكَلَّم بأفصَحِ مَا يكُونُ فِي لُغتِهِ لَا نَفهَمُ شَيئًا أبَدًا؛ فلَا بُدَّ مِنْ فَهْمِ الحُجَّةِ.
فإِنْ قَال قَائِلٌ: قَوُلكُم: إنَّ الحُجَّةَ لَا تَقُوم إلَّا بفَهْمِهِ، هَلْ يَنبَنِي عَلَى هَذَا أن القُبورِّيينَ الَّذِين لَمْ يَفهَمُوا بَابَ العِبَادَةِ حَقَّ الفَهْمِ -وَيقْرَؤُون القُرآنَ- أنَّهُم مَعذُورُون
1 / 39