165

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

وقَولُه: ﴿أَجَعَلْنَا﴾ أَي: صَيَّرْنا ﴿مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ قِيلَ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِه بأَنَّ جُمِع لَهُ الرُّسلُ ليلَةَ الإسرَاءِ. يَعْنِي: وسأَلهم، لكِنَّ هَذَا القَولَ ضعِيفٌ؛ لأَنَّ جمِيعَ الأحادِيثِ الوارِدَةِ فِي الإسْرَاءِ لَيسَ فِيهَا هَذَا.
ثُمَّ إنَّ المَقصُود بالإِسْراءِ إظهَارُ شَرَفِ النَّبيِّ ﷺ، بَلْ هَذَا مِنْ مَقصُودِ الإسرَاءِ، إظهَارُ شرَفِهِ عَلَى الرُّسلِ، فكَيفَ يُوجَّه إليهِمْ هَذَا السُّؤالُ؟ ! فهَذَا القَوْلُ ضعِيف جِدًّا وَلَا وَجْهَ لَهُ.
وقِيلَ: المُرَادُ أُمَمٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابَينِ، وهَذَا أيضًا ليسَ بصَوابٍ يَعْنِي: هؤُلَاءِ يَقُولُون: المَعْنَى ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ يَعْنِي: اسأَلِ الأُمَمَ الَّذِين أُرسِل إلَيهِمْ، وهؤُلاءِ بَاقُونَ إِلَى بعْثَةِ النَّبيِّ ﷺ، وهَذَا ضعِيفٌ مخُالِفٌ لظَاهِرِ القُرآنِ، فالقُرآنُ يَقُولُ: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ والأُمَمُ التَّابعَةُ للرُّسلِ فِيهِم مُشرِكُونَ، فالنَّصارَى أَقْرَبُ الأُمَمِ فِيهِمْ مُشرِكُونَ، فَلَا يَتَوجَّهُ سُؤالهُم مَعَ كونِهِمْ مُشرِكِينَ، هَذَا أيضًا ضَعِيفٌ.
قَال ﵀: [وَلَمْ يَسأَلْ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ القَوْلَينِ]؛ لأَنَّ المُرادَ مِنَ الأَمْرِ بالسُّؤالِ التَّقرِيرُ لمُشرِكِي قُريشٍ، أنَّه لَمْ يَأتِ رَسُولٌ مِنَ اللهِ ولَا كِتَاب بعِبَادَةِ غَير اللهِ، هَذَا صَحِيحٌ، يَعْنِي: أن السُّؤال إنَّما أُرِيد بِهِ إلزَامُ قُريشٍ بأَنَّهُ لَمْ يَأتِ أحدٌ مِنَ الرُّسلِ بإبَاحَةِ عِبَادَةِ غَيرِ اللهِ، هَذَا المقصُودُ، وهَذَا كقَوْلِهِ تعَالى: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [يونس: ٩٤]، لكِن هُنا السُّؤالُ فِيهَا أعمُّ؛ لأنهُ قَال: ﴿فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ ولَمْ يَخُصَّ ذَلِكَ بالرُّسُلِ.

1 / 169