15

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

يَطبَعَها عَلَى حِسَابِهِ الخَاصِّ ويوزِّعَها بَينَ النَّاسِ، فقُلْتُ لَهُ: هَذَا لَا يجُوزُ، ومَزَّقْتُ الورَقَةَ الَّتِي أَعطَانِي، وقُلْتُ: يَجِبُ أَنْ تعْلَمَ أن القُرآنَ إنَّما نَزَلَ لإصْلَاحِ الخَلْقِ، لَا لامتِحَانِ عُقُولهِمْ بالعَدَدِ ومَا أشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ كَمَا تَقدَّم: تُوجَدُ آيَاتٌ مُخْتلِفَةٌ تَمْنَعُ هَذَا التَّركيبَ الَّذِي ذَكَر. قَال اللهُ ﷾: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: ٢٩] أَي: يَتفَكَّرُوا فِيهَا، ويُردِّدُوها بأفكَارِهِمْ؛ حتَّى يَتبيَّنَ لهم المَعْنَى، فالقُرآنُ الكَرِيمُ لَمْ يَنزِلْ لتِلاوتِهِ لفْظًا فقَطْ، بَلْ ولتَدبُّرِ معْنَاهُ، ولا يُمكِنُ العَمَلُ بِهِ إلا بمَعرِفَةِ مَعْنَاهُ، ولَا يُمكِنُ معرِفَةُ معنَاهُ إلا بتَدبُّرهِ. إذَنِ: فالتَّفكِيرُ فِي معْنَاهُ أمْرٌ وَاجِبٌ، فيَجِبُ أَنْ تَتعَلَّمَ مَعْنَى القُرآنِ كَمَا تَتعَلَّمُ مَعْنَى الآجُرُّوميَّة، وهِيَ كِتَابٌ صَغِيرٌ فِي النَّحْو، لَا يُمكِنُ أَنْ يَستَفِيدَ مِنْهُ الإنسَان حتَّى يَعرِفَ معْنَاهُ، كذَلِكَ أيضًا القُرآنُ الكَرِيمُ، لَا يُمكِنُ أَنْ يَستَفِيدَ الإنسَانُ مِنْهُ حتَّى يَعرِفَ مَعْنَاهُ، ولَوْ أن هُناكَ كِتَابًا في الطِّبِّ مِنْ أَفْصَحِ الكُتُبِ وأنْتَ لَا تَعرِفُ المَعْنَى فَلَا يُمكِنُ أنْ تَستَفِيدَ مِنْهُ. إذَنْ: لَا يُمكِنُ أَنْ تَستَفِيدَ مِنَ القُرآنِ حتَّى تَعرِفَ مَعنَاهُ. ولقَدْ قَال النَّبيُّ ﷺ: "خَيرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ" (^١) وهَذَا يَشْمَلُ التَّعلُّمَ اللَّفظيَّ والتَّعلُّمَ المَعنَويَّ؛ ولهَذَا قَال: ﴿لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: ٢٩]. وإِذَا شِئْتَ أَنْ تَعرِفَ هَذَا فاقْرَأْ آيَةً مِنَ القُرآنِ مَعَ التَّدبُّرِ، واقْرَأْها مَعَ الغَفْلَةِ، تَجِدْ الفَرْقَ العَظِيمَ بَينَ هَذَا وهَذَا.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، رقم (٥٠٢٧)، من حديث عثمان بن عفان ﵁.

1 / 19