313

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٧ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

قرؤوا كتابَ اللهِ وسُنَّةَ رسولِهِ ﷺ.
وقولُهُ: ﴿أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ﴾ هذه الجملةُ مؤكَّدَةٌ بمُؤَكِّدَيْنِ: الأوَّلُ: ﴿أَلَا﴾؛ لأنَّ ﴿أَلَا﴾ هنا للتَّنبيهِ، والتَّنبيهُ يقتضي التَّوكيدَ، والمؤكِّدُ الثَّاني: ﴿إِنَّ الظَّالِمِينَ﴾ (إنَّ)؛ لأنَّ إنَّ حَرْفُ توكيدٍ ﴿فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ﴾ أي: دائمٍ، والعياذُ باللهِ.
من فوائد الآيتين الكريمتين:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ من أَضَلَّه اللهُ فلا أَحَدَ يَهْدِيهِ، مهما كانت منزلةُ هذا الَّذي حاول أن يَهْدِيَه؛ لقولِهِ: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [الشُّورَى: ٤٤]، ويَشْهدُ لهذا الحُكْمِ العظيمِ المخوفِ ما جرى للنَّبيِّ ﷺ مع عمِّه أبي طالبٍ.
أبو طالبٍ شقيقُ أبي الرَّسولِ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - كان يَنْصُرُ الرَّسولَ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - ويَحُوطُه ويدافعُ عنه، ولمَّا حَضَرَتْه الوفاةُ كان عنده النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - ورجلان من قريشٍ فكان يَعْرِضُ عليه الإسلامَ يقولُ: "يا عمُّ قلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ كلمةً أحاجُّ لك بها عند اللهِ"، فقال له الرَّجلان: أترغبُ عن ملَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ وهي مِلَّةُ الكُفْرِ والشِّرْكِ فأعاد عليه النَّبيُّ ﷺ فأعاد فكان آخِرُ ما قال: هو على ملَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ (^١). نسألُ اللهَ العافيةَ والسَّلامةَ، مع محبَّتِهِ للرَّسولِ ﷺ وشهادتِهِ له بالرِّسالةِ لكنَّه لم يُذْعِنْ ولم يَقْبَلْ، فكان آخِرُ حياتِهِ أن قال: (على مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ)، ومات على الشِّرْكِ.
أَذِنَ اللهُ تعالى لرسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ أن يَشْفَعَ له في تخفيفِ

(^١) أخرجه البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، رقم (٣٨٨٤)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، رقم (٢٤)، من حديث المسيب بن حزن ﵁.

1 / 317