307

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٧ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

(من يَفْعَلِ الحسناتِ) هذه شرطيَّةٌ؛ فِعْلُ الشَّرْطِ (يَفْعَلُ)، جوابُ الشَّرْطِ: (اللهُ يَشْكُرُها) وليس فيها فاءٌ.
فقالوا: إنَّه يجوزُ أحيانًا حَذْفُ الفاءِ، واستدلُّوا بالآيةِ، واستدلُّوا بالبيتِ. قال بعضُهُم في الإعرابِ في الآيةِ: حَذْفُ الفاءِ يدلُّ على أن (مَن) ليست شرطيَّةً، وإنَّما هي اسمٌ موصولٌ، وعليه يكونُ المعنى: وللَّذي صَبَرَ وغَفَرَ إنَّ ذلك من عزمِ الأمورِ.
والحقيقةُ: أنَّ الإعرابَ الأوَّلَ والثَّانيَ جائزٌ؛ لكنَّ كَوْنَنَا نَجْعَلُ (مَن) اسمَ شرطٍ كالآيةِ الَّتي قَبْلَها أَوْلَى من حيث تلاؤُمُ السِّياقِ بعضِهِ مع بعضٍ، ويكونُ الإشكالُ في حذفِ الفاءِ في الجوابِ، وجوابُهُ: أنَّها قد تُحْذَفُ أحيانًا.
قولُهُ ﷿: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ﴾؛ أي: صَبَرَ على ظُلْمِ الظَّالِمِ إياه؛ وإن شئْتَ فقل: إنَّها عامَّةٌ، تَشْمَلُ كُلَّ من صَبَرَ على أَذِيَّةٍ من مَرَضٍ، أو سفرٍ، أو ما أَشْبَهَ ذلك، ولكنَّ العمومَ قد يَمْنَعُ القولَ به قولُهُ: ﴿وَغَفَرَ﴾ فإنَّ ظاهرَ هذا السِّياقِ أنَّ المرادَ صَبَرَ عن مؤاخذةِ الظَّالِمِ؛ ﴿وَغَفَرَ﴾؛ أي: ستَرَ ما حَصَلَ عليه من ظُلْمٍ.
وقوله ﵀: [﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ أي: معزوماتِها]، يعني: لدليلٌ على أنَّ الرَّجلَ من ذوي العزْمِ؛ لأَنَّه تَحَمَّلَ وَسَتَرَ، تحَمَّلَ فَصَبَرَ وعفا فَغَفَرَ ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾.
من فوائِدِ الآيةِ الكريمةِ:
الْفَائِدَة الأُولَى: الحثُّ على الصَّبْرِ والمغفرةِ، لقولِهِ: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ

= مغني اللبيب (ص: ٨٠) لعبد الرحمن بن حسان، ونسبه جماعة لكعب بن مالك كما في خزانة الأدب (٩/ ٥١).

1 / 311