32

Tafsir Al-Uthaymeen: As-Sajdah

تفسير العثيمين: السجدة

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

أو في للظَّرْفِيَّة ولا تقتضي الإستيعابَ؟ الجوابُ: أنَّ (في) للظَّرْفِيَّة ولا تَسْتَلْزِمُ الإستيعابَ؛ يعني: ليس بلازِمٍ أنَّ الأَمْرَ يَنْزِلُ مثلًا عند صلاة الفجر ولا يَعْرُج إلا في الغروب؛ فقد يَنْزِلُ ويَعْرُج في لحظَةٍ حسب ما أراد الله ﷿؛ لأنَّ (في) لا تقتضي الإستيعابَ، فإذا قُلْتَ: (زُرْتُكَ في يَوْمِ الأَحَدِ) فلا يقتضي أن تكون الزِّيارَةُ مُسْتَوْعِبَةً لجميع اليوم، ولكن في وَقْتٍ من هذا اليوم، فإذن ﴿فِي يَوْمٍ﴾ أي: في وقْتٍ من هذا اليَوْمِ، وهذا اليَوْمُ كان مِقْدارُهُ ألْفَ سنة ممَّا تعدُّون. من فوائد الآية الكريمة: الْفَائِدَةُ الأُولَى: في هذه الآية دليلٌ على كمالِ سُلْطان الله ﷿؛ حيث جعل تدبيرَ الأمورِ إليه، ﴿يُدَبِّرُ﴾ هو؛ ففيه كمال السُّلْطان، وأنَّ الكمال له وَحْدَه. الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: رَدٌّ على القَدَرِّية، الذين يدَّعُون أنَّ أَمْرَ الإنسان مستَقِلٌّ به؛ لأننا نقول: إنَّ فِعْلَ الإنسان من الأمور، والذي يُدَبِّرُه هو الله ﷿. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وفيه دليلٌ لقَوْلِ الجَبْرِيَّةِ! فالجوابُ أن نقول: لكنْ هناك آياتٌ تدلُّ على أنَّ الإنسانَ فاعلٌ بالإختيارِ؛ لقوله: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [التكوير: ٢٨ - ٢٩] وفي قوله ﷾: ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [آل عمران: ١٥٢] وقوله ﷾: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ [المائدة: ٢] وما أشبه ذلك؛ فكلُّها تدلُّ على أن للإنسان إرادةً واختيارًا. الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات عُلُوِّ الله ﷿؛ من قوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ

1 / 37