بل أخلقنا الملائكة إناثًا، و(أم) تكون متصلة وتكون منقطعة، فإذا حل محلها بل وهمزة الاستفهام فهي منقطعة، وإذا كانت بمعنى (أو) فهي متصلة، تقول: أعندك زيد أم عمرو؟ يعني أو عمرًا ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [المنافقون: ٦] يعني أو لم تستغفر لهم، والمتصلة تأتي بعد همزة التسوية غالبًا.
﴿أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا﴾ أي: جعلناهم إناثًا، وعلى هذا فتكون إناثًا مفعولًا ثانيًا لخلقنا، ويجوز أن نجعل خلقنا على بابها، وتكون إناثًا منصوبة على الحال، يعني أم خلقنا الملائكة حال كونها إناثًا والجواب: لا ما خلق الله الملائكة إناثًا، بل ولا ذكورًا، ولهذا لا نصف الملائكة بالأنوثة ولا بالذكورة، لأن الملائكة لا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون، لكن هم قالوا: إن الملائكة بنات الله، فجعلوا الملائكة إناثًا.
﴿وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠)﴾ في موضع نصب على الحال، يعني هل خلقنا الملائكة إناثًا حال كون هؤلاء شاهدين على خلقنا إياهم إناثًا؟ والجواب: لا، فما خلق الله الملائكة إناثًا ولا شهدوا خلقهم، وهذا كقوله في الآية الأخرى: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (١٩)﴾ [الزخرف: ١٩] والحاصل أن الله ﷾ بين لهؤلاء حالين:
الحال الأولى: الحكم الجائر الذي حكموا به بينهم وبين الله، حيث جعلوا لله الملائكة وجعلوا لأنفسهم البنين، وهذا جور، كما تدل عليه آية النجم.