Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
وقوْلُه ﷾: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ خصَّهُما بِالذّكْر لأنَّهُما محَلُّ نُفوذِ فعْلِه، فإِنَّ الَّذي في السّموَات وَالأرْض مِن الملائِكَةِ والبشر والجنِّ وغيرِها كلُّها تَحْمَدُ الله، وكلُّها محَلُّ حمْدِه.
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: هلِ الكافِرُ يحَمَدُ الله؟
فالجوابُ: بِلِسانِ المقَالِ لَا، أمّا بِلسَانِ الحالِ فنَعم، بمَعْنى أنَّ حاله تسْتَوْجِبُ لمَنْ تأمَّلَها أنْ يَحْمَدَ الله، هَذا معْنَى قوْلهِم: إِنَّ هَذا يحْمَدُ بلِسَانِ الحالِ، أوْ يُسَبِّحُ بِلسانِ الحالِ، يَعْنِي أنَّ حاله مَن تأمَّلَها عرَفَ بِها مَا يسْتَحِقُّه الله تَعالَى مِنَ الحمْدِ والتّنْزِيه.
وقوْله تَعالَى: ﴿وَعَشِيًّا﴾: معْطوفٌ عَلَى قوْلِه تَعالَى: ﴿حِينَ تُمْسُونَ﴾، يعْنِي وسَبِّحُوا الله عَشِيًّا، والعشِيُّ مِنَ الزّوالِ إِلَى غُروبِ الشّمْسِ، وَفي حدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ في المسِيءِ في صَلاتِه قَالَ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله ﷺ إِحْدَىَ صَلَاتَي العشِيِّ" (^١).
قوْله تَعالَى: ﴿وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾: معْطوفٌ عَلَى قوْلِه تَعالَى: ﴿حِينَ تُمْسُونَ﴾، والقاعِدَةُ في المعطُوفاتِ أنْ يكُونَ العطْفُ عَلَى أوَّلِ واحِدٍ لأنهُ هُو المحَلُّ الَّذي وَقع علَيْه عمَلُ العامِلِ، فيَكُونُ العطْفُ عَلَى الأوَّلِ، فإِذا قُلْتَ: (قامَ زيْدٌ وبَكْرٌ وعمْرٌو) فإِن عمرًا معْطُوفٌ عَلَى زيدٍ، فهَذِهِ الأوْقاتُ الخمْسَةُ هِي أبْسَطُ مَا ذكَرهُ الله تَعالَى في القرآنِ مِن أوْقَاتِ الصّلَواتِ وذَكَرها مُجْمَلَةً في قوْلِه تَعالَى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء: ٧٨]، ففِي هَذِهِ الآية ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾، يَعْنِي وقْتَ دُلُوكِ الشّمْسِ؛ لأَنَّ (اللامَ) للتَّوْقِيتِ مثْلَ ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] أيْ وقْتَ اسْتِقبَالِ عِدَّتِهِنَّ، فَـ ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ لِزَوالها
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الصّلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، رقم (٤٨٢)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصّلاة، باب السّهو في الصّلاة والسّجود له، رقم (٥٧٣).
1 / 92