Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
ومِن إقامَتِها المُكمِّلةِ أنْ يَأْتِي الإِنْسانُ بالنَّوافِل؛ لأَنَّ النَّوافِل - صلاةُ تطوُّعٍ - تُكَمَّلُ بِها الفَرائِضُ يوْمَ القِيامَةِ.
وقوْله تَعالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾: عَطْفُها عَلَى قوْلِه تَعالَى: ﴿وَاتَّقُوهُ﴾ مِن بَاب عطْفِ الخَاصِّ عَلَى العامِّ، وعطْفُ الخاصِّ عَلَى العامِّ يقْتَضِي زيادةَ الاعتناءِ به فهو دليلٌ عَلَى أهمِّيةِ الصلاةِ.
قوْله تَعالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾: الخِطابُ هنا يعودُ عَلَى الفاعلِ في ﴿مُنِيبِينَ﴾، يعني حالَ كَوْنِكُم مُنِيبينَ غيرَ مُشركينَ أيضًا في إنابَتِكُم.
وقوْله تَعالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ يُشرِكونَ بالله وهو شاملٌ للشركِ الأصغرِ، والشّركِ الأكبرِ، وَهذا يُنهى الإنسانُ أنْ يفعلَ الشّركَ أيًّا كان نوعُهُ، قَالَ شَيْخُ الإسْلَامِ ﵀: "إِنَّ الشِّرْكَ لَا يَغْفِرُهُ الله وَلَوْ كَانَ أَصْغَرَ، وَالكَبَائِرَ تَحْتَ المَشِيئَةِ" (^١)، وَاستدلَّ لِذَلِكَ بقوْله تَعالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨]، ووجهُ الدَّلالةِ من الآيَة أنَّ قوْلَه تَعالَى: ﴿أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ مُؤَوَّلٌ بمصدرِ، فيكونُ المَعنى (إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ إِشْرَاكًا بِهِ)، فهو إِذَنْ نكرةٌ في سياقِ النّفي، فيشملُ جميعَ أنواعِ الشّركِ، وَلِهَذا قال ابنُ مَسْعُودٍ ﵁: "لَأَنْ أَحْلِفَ بِاللهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا" (^٢)، لأَنَّ سيئةَ الشّركِ أعظمُ من سيئةِ الكَذِبِ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل ما ذهبَ إِلَيْهِ شيخُ الإسْلامِ صحيحٌ؟
قُلْنَا: ظاهرُ الآية أنه صحيحٌ.
وعَلَى كلِّ حَالٍ: فالشّركُ الأصغرُ لا يُخَلَّدُ صاحبُه في النَّارِ، بل يُعَذَّبُ به ولا بُدَّ.
(^١) جامع الرسائل لابن تيمية (٢/ ٢٥٤).
(^٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٨/ ٤٦٨، رقم ١٥٩٢٩).
1 / 188