Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
في طلَبِ الهِدَايَةِ؟ إِلَى الله ﷿، حتَّى نفسُك لا تعْتَمِدْ علَيْها، اعْتَمِدْ عَلَى الله ﷿ في الهدَايَةِ واسأَلْه دَائِمًا الثّباتَ، وَلِهَذا يقُولُ الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾ [النّساء: ١٣٦]، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾، هُم آمَنُوا بِاللهِ ورَسُولِه، لكِنَّ المُرادَ اثْبُتُوا عَلَى هَذَا الشّيْءِ، اثْبُتوا عَلَيْه وحقِّقُوه، وَهَذا كُلُّه لا يُنَال إِلَّا باللهِ.
الفائِدَةُ الخامسةُ: أنَّ هَؤُلاءِ الظّالمِينَ لَا يَجِدُون مَن يَنْصُرهم مِن عذَابِ الله؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.
الفائِدَةُ السادسةُ: أنَّ الله ﷾ لا يُضلُّ أحدًا إلَاّ لظُلْمِه إِذْ هُو الَّذِي بَدَأ وانْحَرفَ في إرادَةٍ سيِّئَةٍ، فظَلم فأضَلَّهُ الله؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ ﴿فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾، هَذا مُفرَّعٌ عَلَى الَّذِي قبْلَهُ؛ وَلِهَذا أُتِي بِـ (الفَاءِ)، ﴿فَمَنْ يَهْدِي﴾ إشارَةً إِلَى أنَّ إِضْلالهُم إِنَّما كانَ بِسَبَبِ ظُلْمِهم، هُمُ الَّذِين ظَلَمُوا فأُضِلُّوا والعِيَاذُ بِاللهِ.
إِذَا قَالَ قَائِلٌ: قوْله تَعالَى: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ هَل يُشْكِل علَيْه مَا وقَع مِن نصْرِ المُشْرِكين في أُحُدٍ، حيثُ حصَلَتْ هَزِيمةٌ عَلَى المُسْلِمينَ، ومعْلُومٌ أنَّه انْتِصارٌ للكَافِرِينَ؛ لأَنَّ الهزيمةَ لخَصْمٍ انْتِصارٌ للخَصْم الآخَرِ، وَلِهَذا قالَ أَبُو سُفيانَ: "أُعْلُ هُبَل" (^١) في ذَلِكَ اليَوْم، فهَلْ يُنافي الآيَةَ الكَرِيمةَ؟
قُلْنَا: كأنَّ نصْرَهم ليْسَ لأَجْلِ أنْ ينتصِروا، ولكِنْ لأَجْل ابْتِلاءِ الآخَرِينَ؛ وَلِهَذا كانَتِ العاقِبَةُ لِلْمُؤمنينَ، بلْ قَال الله ﷿ مُشيرًا إِلَى الحِكْمَةِ مِنَ انْتِصارِهم:
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، رقم (٣٠٣٩).
1 / 169