17

Tafsir al-Uthaymeen: An-Nur

تفسير العثيمين: النور

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٣) ° قال الله ﷿: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)﴾ [النور: ٣]. هَذه الآيَةُ الكَريمة الَّتي ختَمها اللهُ بقولِه: ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾، تدُلُّ على تَحْريم نِكاح الزَّانِية، وتَحْريمِ نِكاح الزَّاني، بمَعْنى أنَّ الزَّانِيةَ لا يجوز للإِنْسان أن يتزوَّجَها، وأنَّ الزَّاني لا يَجوزُ للإِنْسان أن يُزوِّجه ابْنَته، فإِذا عرَفْنا ذَلِك؛ فإِنَّ مَن ارْتَكب هذا العَمل فَلا يخْلُو مِن حالَيْن: الحالُ الأُوْلى: أنْ يكُون مُلتَزمًا بالتَّحريمِ عالمًا بِه، ولكنه تزوَّج الزَّانِية لمجرَّد الهَوَى والشَّهوَة، فحِينئذٍ يكونُ زَانيًا لأنَّه عقَد عقدًا محرَّمًا، وهُو يعتْقِدُه محرَّمًا مُلتزمًا بتحْرِيمه، ومعلومٌ أنَّ العَقْد المحرَّم لا يُبيح الفَرْج ولا الاستمتاعَ بِه، فيَكُون هذا الرَّجُل باسْتحلالِه بُضْع المرْأَة المعْقُود علَيْها وهِي زانيَةٌ وهُو يعْلَم أنَّ ذلك حرامٌ، فيَكُون فعْلُه هذا زِنا، وعلى هَذه الحالِ يتنَزَّل قولُه: ﴿إِلَّا زَانٍ﴾. الحالُ الثَّانية: ألا يلْتَزم بهذا الحكْم، وأنْ يقُولَ: هَذا ليْس بحرَامٍ، بَل هُو حلالٌ، وحِينَئذٍ يكُون مُشرِكًا؛ لأنَّ مَن أحلَّ ما حرَّم اللهُ فقَدْ جَعل نفْسَه مُشرِّعًا مَع اللهِ، مُشرِكا بِه ﷾؛ ولهذا قالَ ﷾: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١]، فجَعل اللهُ المشرِّعِين لعبادِه دِينًا

1 / 22