190

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

للتخفيف فِي قوله تَعَالَى فيما سبق: ﴿حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ [النمل: ٣٢]، والاسْتِفْهام فِي قوله: ﴿أَتُمِدُّونَنِ﴾ للإنكار والتعجيبِ، يَعْنِي: كيف تمدونني بمال وأنا عندي من المال ما لَيْسَ عندكم؛ ولهَذَا قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ﴾ من النبوَّة والملك ﴿خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ﴾ من الدُّنْيا]، وكذلك من المالِ؛ لِأَنَّ عند سُلَيْمَان المال ما لَيْسَ عند هَذِهِ المَرْأَةِ؛ لِأَنَّ اللهَ ﷾ أعطاه ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، فالاسْتِفْهام فِي قوله: ﴿أَتُمِدُّونَنِ﴾ للتوبيخِ والتعجيبِ، يَعْنِي: كيف تمدونني بمال -وهي هَذِهِ الهَدِيَّة- فما آتاني اللهُ منَ المالِ والمُلك والنبوَّة وغير ذلك من كُلّ ما آتاه الله خير مما آتاكم؟ !
قوله: ﴿بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ يَعْنِي أنني لا أفرح بهدية ولا تُهمّني الهَدِيَّة، ولكِنكم أنتم الَّذِينَ تفرحون بها وتفخرون بها، فهل المَعْنى: تَفرحون إذا أُهدي إليكم، أو تفرحون إذا أهديتم وترَوْنَ لكم فضلًا عَلَى المهدَى إليه؟
كله محتمِل، لكِن الظَّاهر -واللهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ يريد الأول، بمعنى: أنكم أنتم الَّذِينَ تفرحون بالهَدِيَّة، وتقع منكم موقعًا بحيث تَفْتُرُ عَزِيمَتكم وتوجب أن تَعدِلوا عما أنتم عليه، أَمَّا أنا فلا تهمني الهَدِيَّة، والاحتمال الثاني أن يَكُون بإهدائكم إليَّ تفرحون، أي: تفخرون بها، ولكِن المَعْنى الأول أليق بالسياق.
وقوله: ﴿بِهَدِيَّتِكُمْ﴾ أي: بالإهداء إليكم؛ لِأَنَّ هدية مصدر، فيجوز أن يُضاف إِلَى الفاعل، ويجوز أن يضاف إِلَى المَفْعُول.
من فوائد الآية الكريمة:
الفَائِدَة الْأُوْلَى: أنّ مِن المُسْتَحْسَنِ أنْ يتقدَّم الرئيس -رئيس الوفد أو القوم- بالكَلام أو الفِعْل إذا كَانَ مكلَّفًا بالفِعْل، المهم أن يَكُون المتقدم الرئيس؛ لِأَنَّ تقدم

1 / 194