159

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

والتعبير ظاهر جدًّا فِي الفرقِ بينهما؛ لِأَنَّ (عرش) نَكِرة و﴿الْعَرْشِ﴾ معرفة، فدلَّ ذلك عَلَى أن هَذَا العَرْش عرشٌ عظيمٌ معلومٌ مفهومٌ فِي الأذهانِ، بخِلاف الأوَّل.
وَيقُول المُفَسِّر ﵀: إنه قاله فِي مقابلةِ عَرْش بلقيس، نعم هَذَا صحيحٌ، فواضحٌ أَنَّهُ قَالَه لأجلِ أنْ يُبَيِّن أن صاحبَ العَرْش العظيم هُوَ المستحِقّ لِأَنْ يَكُونَ مالكًا، وَأَمَّا هَذِهِ المَلِكَة فإنَّ لها عرشًا وَلَيْسَ لها العَرْش.
من فوائد الآية الكريمة:
الفَائِدَة الْأُوْلَى: إثبات عرشِ اللهِ؛ لِقَوْلِهِ: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة: ١٢٩]، والعَرْش هُوَ أعلى المخلوقاتِ، وَهُوَ غير الكرسيّ، وَلَيْسَ هُوَ المُلك كما قاله مُنْكِرو العلوّ، الَّذِينَ يَقُولُونَ: المُراد بالعَرْش المُلك، فتقُولُونَ: ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤]، أي: استولَى عَلَى الملك، وهَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ بصحيحٍ، والعَرْش معروفٌ عند العربِ، وَفِي اللُّغة العَربِيَّة: بأنه سَرير المَلِك الخاص به.
الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثباتُ انفرادِ اللهِ تَعَالَى بالأُلوهيَّة، لِقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [النمل: ٢٦].
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: هَذَا النفيُ أو الحصرُ حقيقيّ أو إضافيّ؟
إِذَا قُلْنَا: حقيقيّ، فهَذَا يَلْزَمُ منه أن يَكُون الإله لَيْسَ بمعنى معبود، لزِم أن يَكُون الحصر إضافيًّا، إذ هناك معبود سِوَى الله وهي الأصنامُ، فيَصِير معنى: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أي: لا مَعْبُودَ بحقٍّ إِلَّا اللهُ، وحينَئذٍ يَكُونُ الحَصْرُ إضافيًّا، وإنْ جَعَلْنَاهُ حَقِيقِيًّا فإنَّنا يُمْكِنُ أن نَقُولَ: إن المُرادَ بالإلهِ فِي قولِهِ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [الصافات: ٣٥]، الإلهُ المستحِقُّ، يَعْنِي: لا إلهَ مُسْتَحِقّ إِلَّا الله، ولكِن هَذَا التَّقْدير يعودُ عَلَى الأوَّل.

1 / 163