93

تفسير العثيمين: الشعراء

تفسير العثيمين: الشعراء

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٤٤) * * * * قالَ اللهُ ﷿: ﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾ [الشعراء: ٤٤]. * * * يقول: ﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ﴾ أعوذُ باللهِ ﴿إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾. ﴿حِبَالَهُمْ﴾ يعني: الَّتِي يَسْحَرُون النَّاس بها، ﴿وَعِصِيَّهُمْ﴾ الَّتِي يسحرون النَّاس بِهَا، وهم يُلْقُون هَذِهِ الحبالَ وهذه العِصِيّ فتكون فِي أَعْيُن النَّاسِ ثَعابينَ وحيَّاتٍ، وأيضًا تَظْهَر بِمَظْهَر الكثرة وتملأ الواديَ، وهي حقيقةً ليستْ ثعابينَ وحيَّاتٍ، إذن السِّحرُ هُوَ حقيقة، وليس خيالًا. والحِبال: جمعُ حبلٍ، والعِصِيّ: جمعُ عَصًا، وتلك الحبال والعِصِيّ يُلْقُونها لِيُوهِمُوا النَّاسَ بِسِحْرِهِم أَنَّهَا حيَّات وثعابِين، حَتَّى مُوسَى ﵊ خاف وأوجسَ من هَذَا خِيفةً لَمّا رأى هَذِهِ الحيَّات والثعابين تُقبِل إليه، ولكن الله قال له فِي تلك الساعة: ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ﴾ [طه: ٦٨ - ٦٩]، وقالوا لَمّا أَلْقَوْها: ﴿بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾ والباء للسببيَّة، وعِزَّة فِرْعَوْن: غَلَبَتُه وقَهْرُه، وفي تقديمهم هنا للعزةِ دليلٌ عَلَى أَنَّهُم لا يَعْتَزُّون بغيرِه، وأنَّهم لا يَرَوْنَ أنَّهم يَنْتَصِرون بِسِوَى عِزته. والسِّحر حقيقةٌ، لكن باعتبارِ ما سُحِر بِهِ خيالٌ، حقيقةٌ لِأَنَّهُ أثّر فِي الرؤيةِ،

1 / 98