82

تفسير العثيمين: الشعراء

تفسير العثيمين: الشعراء

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الآيتان (٣٦، ٣٧) * * * * قالَ اللهُ ﷿: ﴿قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ﴾ [الشعراء: ٣٦ - ٣٧]. * * * إذا أرادَ الله أمرًا هَيَّأَ أسْبابَه، لو سُلِّطَ فِرْعَوْن عَلَى مُوسَى وأخِيه لَقَضَى عليهما، ولكن الله تعالى جعلَ لكلِّ شيْءٍ سببًا. أشار المَلَأُ عَلَى فِرْعَوْنَ أنْ يُؤَخِّرَ أمرَ مُوسَى وهارونَ، وأنْ يَبعثَ فِي ﴿الْمَدَائِنِ﴾ جمع مَدِينة ﴿حَاشِرِينَ﴾ جامعينَ، يعني: يُرسل إِلَى مَدَائِن مِصْرَ مَن يَجْمَع السَّحَرَة. ولهذا جاء الجواب: ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ﴾، وكان من المتوقَّع أن يقولَ: (يأتونك)، فما هُوَ الفرقُ بينَ (يَأْتُوكَ) وبين (يأتونك) من حيثُ المَعْنى؟ لو قَالَ: (يأتونك) لكانتْ صفةً لـ (حَاشِرِينَ)، أي: حاشرينَ يأتونك بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ، لكن المُراد خِلاف ذلك؛ لأن: (يَأْتُوكَ) أبلغُ من: يأتونك، حيثُ كانتْ جَوابًا للأمرِ، الَّذِي هُوَ لِلْمَشُورة، إذن (ابعث) أيضًا ليستْ أمرًا حقيقيًّا، فهي أمرٌ للمشورةٍ: (ابعث يأتوك)؛ لِأَنَّهُ بمجرَّد بعْثك يأتونك به. لكن لو كانتْ صفةً لـ (حَاشِرِينَ): (حاشرين يأتونك) لكان من الجائزِ ألَّا يأتوا، فصفةُ الحاشرِ مَن يَجْمَعُ ويأتي بالسَّحَرَة، لكن قد يَتَهَيَّأ له ذلك وقد لا يتهيَّأ،

1 / 87