159

تفسير العثيمين: الشعراء

تفسير العثيمين: الشعراء

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الآيات (٩٦ - ٩٨)
* * *
* قالَ اللهُ ﷿: ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٩٦ - ٩٨].
* * *
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿قَالُوا﴾ أي الغَاوُونَ ﴿وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ﴾ معَ مَعْبُودِيهم ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾]، لكن هَذَا الإقرار يَنْفَعُ لو كَانَ فِي الدُّنيا، فهم يَتَخَاصَمُونَ: العابد والمعبودُ، والتابِعُ والمتبوعُ يومَ القيامةِ، كما قالَ الله ﵎: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ﴾ [البقرة: ١٦٦]، وكذلك أيضًا: ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ [سبأ: ٣٢]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ [ص: ٦٤]، وقال تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف: ٣٨]، وهكذا ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: ٦٧].
فهَؤُلَاءِ الَّذين كانوا فِي الدنيا عَلَى ضلالٍ وعلى باطلٍ يومَ القيامةِ كما قالَ الخليلُ: ﴿يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٢٥]، ونحنُ نَسْتَعْرِضُ مثلَ هَذِهِ الآيَاتِ ونعِظ النَّاس بها، ونقول لكلِّ قومٍ اجتمعوا عَلَى فسادٍ: سَتَزُولُ يومَ القيامةِ هَذِهِ المَحَبَّةُ بينَهم، وهذه الرابطةُ، ويَتَبَرَّأُ بَعْضُهم مِن بعضٍ، ويَلْعَن بعضُهم بعضًا، ونذكّرهم بهذا الأمرِ الَّذِي فِي الحَقِيقَةِ لَيْسَ ببعيدٍ، فما بينَهم وبينَه إلَّا أنْ تَخْرُجَ أَرْوَاحُهُم من

1 / 164