148

تفسير العثيمين: الشعراء

تفسير العثيمين: الشعراء

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

يَصِحُّ بدون ذِكْرِه، وهذا لَيْسَ بمقصودِهِ فيما يبدو، وإنَّما المقصود هُوَ تأكيدُ هذا، والإفتخارُ به، مثلما يقول لك القائل: "أنت تفعل كذا؟ "، فتقول: "نعم أفعله"، لو قلت: "نعم" لَكَفَى، لكن: "أَفْعَلُه" من بابِ تأكيدِهِ والإفتخارِ به، فهم كذلك يقولون: ﴿نَعْبُدُ أَصْنَامًا﴾ مؤكِّدين لعبادتها مفتخرينَ بها.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾ نقيم نهارًا عَلَى عِبادتها، زادوه فِي الجَوابِ افتخارًا به]، صحيح، قالوا: ﴿فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾ وَهُوَ ما سَأَلَهُمْ: هل أَنْتُم تَدُومُونَ عَلَى عِبَادَتِها أم لا؟ لكنهم زادوا عَلَى هَذَا وقالوا: ﴿فَنَظَلُّ﴾ يعني: نَسْتَمِرّ ﴿لَهَا عَاكِفِينَ﴾.
وقوله: ﴿لَهَا﴾ مُتَعَلِّق بـ ﴿عَاكِفِينَ﴾ وتقديمُه عليه يفيد الحصرَ، يعني: إننا نَعْكُفُ لها لا لغيرها. ويقول المُفسِّر: [زادوه فِي الجَوابِ افتخارًا به]، وَهُوَ كذلك، ثم إصرارًا وعنادًا، يعني: لسنا نعبدها وقتًا دونَ وقتٍ، بل نعبدها ونستمرُّ عَلَى عِبادتها.
وقول المُفسِّر: [نهارًا]، أخذها من قولهم: إنَّ (ظلَّ) فعلٌ يدلُّ عَلَى وقوع الشيْء نهارًا، وهذا هُوَ المعروفُ عندَ النَّحْوِيِّينَ، والذي يَظْهَر أَنَّهَا تدلُّ عَلَى وقوعِ الفعلِ باستمرارٍ، نحو قولِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [النحل: ٥٨]، أيّ وقتَ يُبَشَّر بِها يَسْتَمِرُّ وجهُه مُسْوَدًّا ليلًا ونهارًا، فالصوابُ أن هَذَا الفعلَ يُشعِر بالإستمرارِ، ولا يَخْتَصّ بالنَّهارِ كما قاله المُفسِّر وغيرُه.
* * *

1 / 153