234

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ هو فِي اللُّغَةِ سَرِيرُ المَلِك]، هَذَا العرش، يَعنِي لَيْسَ كلّ كرسيٍّ يُسَمَّى عرشًا، كرسيُّ المُعَلِّم لا نُسمِّيه عرشًا، لكِن الكُرسِيّ الخاصّ بالمَلِك يُسَمَّى عرشًا، هذَا هو الأَصل فِي اللُّغة، قَالَ اللَّه ﵎ عن مَلِكَةِ سَبَأ: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل: ٢٣]، وَقَالَ ﷿: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ [يوسف: ١٠٠]، فِي قِصَّة يُوسُفَ، لكِن المراد بالعرش هنا ما هو أعظمُ من ذلكَ، هو عبارة عن هذَا المخلوقِ العظيمِ الَّذِي وَسِعَ السَّمواتِ والْأَرضَ والكُرسيّ؛ لأنَّهُ جاء فِي الحديث: "مَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَا فِيهِنَّ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كحَلْقَةٍ أَلْقَاهَا مُلْقٍ فِي أَرضِ فَلَاةٍ"، (حلْقة) يَعنِي حَلْقة المغْفَر، أو الدِّرع، وَهِيَ بالنسبةِ للفلاةِ لا شَيْء، "وَمَا الْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ إِلَّا كَحَلْقَةٍ أَلْقَاها مُلْقٍ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ" (^١). إذَن ما يَعلَم قَدْرَه إِلَّا اللَّه ﷿.
وَهُنَا مِنَ التَّعَمُّق والتَّنَطُّعِ أنْ نَبْحَثَ ونسألَ عن ماهيَّة هذَا العرشِ، يَعْنِي من أيِّ شَيْءٍ هو؛ من ذهبٍ، من فضةٍ، من زَبَرْجَد، من كذا، وهذَا وردتْ فِيهِ آثارٌ لَكِنَّها ليستْ بصحيحةٍ، وليست واردةً عن معصومٍ، ولا يَنبغِي أَيْضًا الخوضُ فِي ذلك؛ لأنَّه ما لنا وله من أين مادته، المهمُّ أنْ نَعرِفَ عِظَمَ هذَا العرشِ وأنه هو الَّذِي اسْتَوَى عليه اللَّه ﷿.
يقول المُفَسِّر ﵀: [﴿الرَّحْمَنُ﴾ بَدَل من ضمير (استوى)، أي استواء يَلِيق به]، قوله: ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ﴾ يعْنِي لا تَقُل: إن الرَّحمن فاعل (استوى)؛ لأنَّهُ سبقهما ما يدل عَلَى رجوعِه إليه ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ﴾، فكَلام المُفَسِّر يقول: إِنَّهُ لا يُعرَبُ عَلَى أنَّهُ

(^١) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (٢/ ٦٣٥).

1 / 239