Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
100

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

لِقَوْلِهِ: ﴿عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾، فأقرَّ بأن الذكر قد جاءه، وأقرَّ بأن ما جاءه ذِكر يتذكَّر به المرءُ. الْفَائِدَة الثالثة: أن الشيطان يأمر الإنْسَان ثم يَخْذُله أحوجَ ما يَكُون إليه؛ لقولِه ﷾: ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾. ومن الأمثلة لخِذلان الشيطان لأصحابِه في الدُّنْيا من القُرْآنِ ما تقدَّم في قوله تَعَالَى: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: ٤٨]، ومن أمثلة خِذلانه لهم في الآخرة قوله ﷾: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ﴾ [إبراهيم: ٢٢]، وَأَمَّا قوله تَعَالَى: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ﴾ [الحشر: ١٦]، فربما يَكُون في الدُّنْيا والآخرة، فالآية ليست بصريحةٍ أنها في الآخرة. الْفَائِدَة الرابعة: أن الغَرَضَ من إخبار اللَّه ﷾ عن الشيطانِ بأنه خَذُول لبني آدمَ أو للإنْسَانِ التحذيرُ، والعلامة عَلَى أَنَّ هَذَا من أوامرِ الشيطانِ قولُه تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٦٨ - ١٦٩]، ومثل قوله ﷿: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [البقرة: ٢٦٨]، فقوله ﷾: ﴿يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ﴾ هَذَا مثال للتفريط في الأوامر، ومتى يَعِدُ الفقر؟

1 / 105