Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut
تفسير العثيمين: العنكبوت
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
فهم يحْمِلُونَ أثقَالهُمْ كاملةً، أما أثقالُ المدْعُوِّينَ فلا يحمِلُونها كامِلِةً، ولو حملوهَا كامِلة ما بَقِي للمَدْعُوِّينَ شيء، ولهذا قال ﷾: ﴿أَثْقَالَهُمْ﴾ بمَرِةٌ، وتَقَدَّمَ قولُهُ في الآيةِ الأُخْرَى: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ﴾ [النحل: ٢٥]، وذلك لأن الدَّاعِيَ لا يتَحَمَّلُ وِزْرَ المدعوِّ كامِلًا، ولو تحمَّله كاملًا ما بَقِي للمَدْعو شيءٌ، ولكن الوِزْرَ على الدَّاعِي والمدْعُو، والعياذُ باللَّهِ.
وقوله: ﴿وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ لدَعوتِهِمْ إلى الضَّلالِ، وكل مَنْ دَعَا إلى ضلالَةٍ فلَهُ مِثلُ وِزرِ مَن عَملَ بها من غيرِ أن يَنْقُصَ من أوْزارِهِمْ شيء.
قَال المُفَسِّر ﵀: [﴿وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ بقولِهم للمُؤمِنينَ: ﴿اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا﴾ وَإِضْلالِهمْ مُقَلِّديهِمْ]: والمقلِّدونَ هم الذين اتَّبَعُوهُمْ؛ لأن الكفَّارَ مجتهِدُونَ ومُقَلِّدونَ، أي: رؤساءُ ومُقَلِّدونَ، قال اللَّه تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ [القصص: ٤١]، والإمامُ له مأمومٌ يَتْبَعُهُ، فالكُفارُ منهم رؤساءُ ومُقَلِّدُونَ، فهؤلاء المقلِّدونَ يحمِلُ الرؤساء مِن أوْزارِهِمْ ما يتَحَمَّلُونَ، وكذلك من أوْزارِ الَّذينَ يَدْعونهُمْ بغيرِ عِلمٍ، لكن إذا دَعْوا شخصًا ولم يَقْتدِ بهم فإنهم يحمِلُونَ أوزارِ الدَّعوةِ فقط دون وِزْرِ العملِ، والسببُ هو عدمُ وجودِ العملِ.
قوله: ﴿وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ يسألهُمُ اللَّه ﷾ يومَ القيامَةِ، وقد سُمِّي بذلك لأمورِ الأشْهادِ، فإن الأشهادَ يقومونَ في ذلكَ اليوم، والأشْهادُ هُمُ الرُّسُلُ ﷺ، وكذلك غَيْرُ الرُّسُلِ مِنَ العلماءِ، وكذلك الجلودُ والألْسُنُ.
قَال المُفَسِّر ﵀: [﴿يَفْتَرُونَ﴾ يَكْذِبونَ علَى اللَّهِ]: لأنهم قالوا: ﴿اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾، فهم كاذِبُونَ في هذا، وسيُسْألَونَ عن هذا الكذبِ، وكذلك كلُّ دَجَّالٍ يَدْعو إلى باطِلَه بالكذبِ، سيُسْألُ عَنْ هذا الكذبِ.
1 / 53