صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ هنا رَاعَى اللَّفْظَ، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ هنا راعَى المعْنَى، ﴿قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾ [الطلاق: ١١]، هنا رَاعَى اللفظَ، ففي هذه الآيةِ مراعاةُ اللَّفظِ، ثم مُراعاةُ المعْنى، ثم مُراعاةُ اللَّفْظ مرَّة ثانِيةً.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿لَيَقُولُنَّ﴾ حُذِفَتْ مِنْهُ نُونُ الرَّفْعِ لتَوالِي النُّوناتِ، والوُاوُ ضَميرُ الجمعِ لالْتقاءِ السَّاكِنينِ]: وبَقِيَت الضَّمة في قولِه: ﴿لَيَقُولُنَّ﴾ دَالَّة على الواو المحْذُوفةِ.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿إنَّا كُنَّا مَعَكُمْ﴾ فِي الإيمانِ فأَشْرِكُونا فِي الغَنِيمَةِ]: هؤلاءُ إذَا أُوذُوا في اللَّهِ ارتَدُّوا على أدْبارِهم ووافَقُوا مَن آذاهُمْ، ولكنهم إذا أصابَ المؤْمنينَ نَصرٌ قالوا: ﴿إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ﴾ يعني: فنُريدُ أن يحصُل لنا ما حصَل لكُم مِنَ الغَنِيمة، قال اللَّه تعالى رَدًّا عليهم: ﴿أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾ الجوابُ: بَلَى.
قَالَ المُفَسِّر: [﴿أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ﴾ أَي: بعَالمٍ]: وسبقَ أن قولَهُ لا يُعتبرُ تَفسيرًا ولكنَّه تحريفٌ؛ لأن (أعلَمَ) أبلغُ مِنْ (عالم)، فكيف يُرَدُّهَا إلى عالمٍ وهو أنقَصُ.
قوله: ﴿بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾ المرادُ بما في صُدُورهم: أي قُلوبِهِم، يعني: أعلمَ بقُلوبِ النَّاسِ؛ لأن القلْبَ محلُّه الصدْرُ، والقلبُ مَحِلُّ الإرادَةِ، وفي هذا دليلٌ على أن مَحِلَّ التَّصديقِ والتَّدْبيرِ هو القلبُ.
وقولُهُ ﵀: [بَلَى]: أي: الجوابُ: بَلَى، وعلى هذا فنَقُولُ لهذا الذي قال: إني معكم؛ نقولُ لمست معهم في الحقيقةِ، وذلك لأَنَّك كافِرٌ باللَّه ﷿ حينما ارْتَدَدَتَ عندما أُوذِيتَ.