260

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

تفسير العثيمين: العنكبوت

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الفَائِدةُ الثَّانِية: الإشارةُ إلى أن القرآنَ الكريمَ مكتوبٌ، لقوله: ﴿أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾، وقد ذكرَ اللَّه ﷿ أن القرآنَ مكتوبٌ في ثلاثَةِ مواضِعَ.
الفَائِدةُ الثَّالِثة: أن من أهلِ الكِتابِ مَنْ آمَنَ به فِعْلًا، لقولِهِ: ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾، والمراد البعضُ مِثْلُ عبدِ اللَّهِ بن سلامٍ ﵁.
الفَائِدةُ الرَّابِعة: الاستِشْهادُ بالغيرِ على صحَّةِ المدَّعَى به، يعني أن الإنسانَ يستَشْهِدُ بغير من خُصومِهِ كما قال ﷾: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣]، وهذه الآية أيضًا ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾، فيقالُ: ممن أُوتِيَ الكتابَ منكم أيها اليهودُ أو النصارى من آمَنَ بهذا القرآن، وهذه الحُجَّةُ مُفِيدَةٌ جدًّا عند المناظَرةِ؛ أن تحتَجَّ على الطائفة بقولِ بعضِ عُلمائها، ولهذا كان شيخُ الاسلامِ ابن تيمية يحتَجُّ على الفلاسفة وغيرهم بقولِ بعْض نُظَّارِهِمْ، واحتج على بطلانِ قولِ المتكلِّمِينَ بقولِ الرَّازِي وهو مِنْ أكابِرهِم (^١):
نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ ... وَأكْثَرُ سَعْي الْعَالَمِينَ ضَلَالُ
وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا ... وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ
وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنا ... سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيه قِيلَ وَقَالُوا
ولا شك أن (قِيلَ وَقَالُوا) ليست بفائدة.
والشاهدُ من مثل هذا: أن الرَّازِيَّ نَفْسُه هو الذي يتَكَلَّمُ بهذه الأبيات إما مُنْشِدًا أو مُنْشِئًا، وقبلَ هذه الأبيات يقول: "لقد تأَمَّلْت الطرقَ الكلامِيَّةَ والمناهِجَ الفلسفية، فلم أَرَها تَرْوِي غَلِيلًا ولا تَشْفِي عَلِيلًا، ووجدتُ أقربَ الطرقِ في ذلك

(^١) انظر الفتوى الحموية (ص: ١٩٢).

1 / 264