144

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

تفسير العثيمين: العنكبوت

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

هذا الدِّينِ، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ هذا المنع، ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ﴾ [الأنفال: ٣٩]، هذا الظُّهورُ.
فالحاصلُ: أن مادة (نَصَرَ) لها ثلاثةُ استعمالاتٍ: تارَّة تتَعَدَّى بـ (من) وتارَّة تَتَعَّدَى بـ (على) وتارة تأْتِي مُطْلَقَةً، فقولُه ﷾: ﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ هنا تَعَدَّتْ بـ (على) فيكونُ معنَاها الظُّهُورُ والغَلَبَةُ، ولهذا قال المُفَسِّر ﵀: [﴿رَبِّ انْصُرْنِي﴾ بتَحْقِيقِ قَولِي فِي إنْزالِ العَذَابِ ﴿عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾].
وقوله: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ ذَكَرَ حالَ المَدْعُوِّ عليهم من باب التَّوَسُّلِ؛ لأن كلَّ وصْفٍ يسْتَوْجب الإجابة فإنه يُعتَبَرُ وسيلَةً، وقد ذَكَرْنا فيما سبَقَ أن التَّوَسُّلَ إلى اللَّه ﷿ أنواعٌ، منها التَّوَسُّلُ بذِكْرِ حالِ الدَّاعِي كما في قوله تعالى: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: ٢٤]، وهنا التَّوَسُّلُ بحالِ المَدْعُوِّ عليهم.
وقولُهُ: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ لأن إفْسادَهُم يقْتَضِي إهلاكَهُمْ وذُلَّهم والغَلَبَة والظُّهورَ عليهم.
وقَال المُفَسِّر ﵀: [﴿الْمُفْسِدِينَ﴾ أَيْ: العَاصِينَ بإِتْيانِ الرِّجالِ، فاستَجَابَ دُعاءَهُ]: وهذا تَفْسِيرٌ للشَّيْءِ بسَبَبهِ؛ لأن المعصِيَةَ سببُ الفسادِ، قال اللَّه تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ [الروم: ٤١]، ولا شكَّ أن فِعْلَ قومِ لُوطٍ مِنْ أعظمِ الفَسادِ في الأرْضِ.

1 / 148