123

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-An'am

تفسير العثيمين: الأنعام

Maison d'édition

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

فيقال: ﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾، أي: تزعمون أنهم آلهة، والإله ينفع من تألهه، فأين هو الجواب؟ بيّنه الله ﷿ فقال: ﴿ثُمَّ﴾، أي: بعد هذا السؤال: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)﴾ الفتنة هنا بمعنى: الحجة ﴿فِتْنَتُهُمْ﴾، أي: حجتهم ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ أقسموا بالله أنهم لم يكونوا مشركين، وهل هم صادقون في هذا القسم؟
الجواب: لا، ولهذا قال: ﴿انْظُرْ﴾ أيها المخاطب ﴿كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾، والمراد هنا نظر الاعتبار.
وهنا إشكال: كيف يقول: ﴿كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾، والأمر لم يأت بعد، فإن هذا يكون يوم القيامة؟
والجواب: أن هذا على حكاية الحال، والله ﷿ دائمًا يحكي الأشياء المستقبلة حتى يتصورها الإنسان وكأنها واقعة، وإنما يكون ذلك؛ لأن الشيء المستقبل المحقق يكون؛ كالواقع تمامًا، ولهذا قال الله ﷿: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١] مع أنه ما أتى، بدليل قوله: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾، فيكون التعبير بالماضي على حكاية الحال حتى يتصور الإنسان وكأن الشيء بين يديه، ﴿كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ في قولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾.
قوله: ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ (ضَلَّ)، بمعنى: ضاع فلم يجدوه؛ كالرجل الذي ضاع له المال فلم يجده، هؤلاء ضاعت عنهم الآلهة فلم يجدوها.
وقوله: ﴿مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾، أي: ما كانوا يفترونه من دعواهم

1 / 127