91

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

المَلائِكة في قُلوبهم من رُعْب؛ ولهذا قال تعالى: ﴿رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ لأن اللَّه تعالى حجَبَ المَلائِكة عن أَعيُن الناس؛ لأن المَلائِكة تَحضُر مجَالِس الذِّكْر، والملائِكة يَتَعاقَبون في بني آدَمَ بالليل والنهار، والمَلائِكة ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧]، ومع ذلك لا نَراهم؛ لأن اللَّه تعالى حجَبَهم، يَأتينا -إن شاء اللَّهُ تعالى- في الفَوائد أن في هذا دَلالةً بيِّنةً على ضَعْف بني آدَمَ، فأَجرام مَحسوسة مَوْجودة بين أيديهم، بل عن أيمانهم وعن شَمائِلهم، ومع ذلك لا يَرَوْنها. قال ﵀: [﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ مِن المَلائِكة ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء من حَفْر الخَنْدق، وبالياء من تَحذير المُشرِكين] يَعنِي: فيها قِراءَتان "بِمَا يَعْمَلُونَ" و﴿بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾. قوله تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ هذه الرِّيحُ هي الريح الشَّرْقية، ولهذا جاء في الحديث: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ" (^١)، الدَّبور: الرِّيح الغَرْبية، يَقول: [بما تَعمَلون بالتاء من حَفْر الخَنْدق] ولكن هذا التَّخصِيصَ لا يَنبَغي، لأَنَّنَا إذا خصَّصنا العُمُوم في الآية قصَرْنا معنَى اللَّفْظ أو قصَرْنا اللَّفْظ على بعض مَعناه، والصوابُ: أنَّها بما تَعمَلون من حَفْر الجنْدق وغيره من كل ما عمِلْتم في هذه الغزوةِ. قوله تعالى: ﴿بَصِيرًا﴾ أَيْ: عليمًا، أو بما يَعمَلون، يَعنِي: الجُنُود ﴿إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ واللَّهُ تعالى بما يَعمَلون بَصير، من التَّحزُّب على النبيِّ ﷺ، والقُدوم إلى بلَد الرسول ﵊، لأَجْل القَضاء عليه على زَعْمهم.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق، رقم (٤١٠٥)، ومسلم: كتاب صلاة الاستسقاء، باب في ريح الصبا والدبور، رقم (٩٠٠)، من حديث ابن عباس ﵄.

1 / 96