Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab
تفسير العثيمين: الأحزاب
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
الجواب: الصحيحُ أنَّه القَلْب؛ لأن اللَّه تعالى قال في القُرآن: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا. . .﴾ [الحج: ٤٦] فخَصَّ القَلْب والعَقْل؛ ولهذا قال الإمامُ أحمدُ ﵀: إن العَقْل في القَلْب، وله اتِّصال بالدِّماغ (^١).
ولكنني رأَيْت كلامًا لشيخ الإسلام ابن تَيميَّةَ ﵀ أقرَبَ إلى الواقِع وإلى الطبِّ الحديث يَقول: إن أَصْل التفكير في الدِّماغ فهو المُفكِّر، ثُمَّ القَلْب يُدبِّر ويَأمُر ويَنهَى (^٢)؛ فَيَكون للمُخِّ كالسِّكِرْتير للقَلْب يُفكِّر ويَنظُر، ثُمَّ يُرسِل إلى القَلْب، والقَلْب هو الذي يُدبِّر بلا شكٍّ؛ لأن الكِتاب والسُّنَّة يَدُلَّان على أن القَلْب هو الذي يُدبِّر كما في الآية، وكما قال النبيُّ ﵊: "أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ" (^٣).
ولكن الاتِّصال بين المُخِّ والقَلْب سَريع أو بَطيء؟
الجواب: سريع، لا نَتَصوَّر سُرْعته، وهذا من تَمَام عَظَمة الخالِق ﷿، حيث إنَّ هذه المُعدَّات العظِيمة في هذا البدَنِ، مَعامِل وآلات إِلْكترونية وأَشياءُ -سبحان اللَّه العظيم- إذا بحَثَها الإنسان يَجِد ما قاله اللَّه ﷿: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: ٢٠ - ٢١].
قال ﵀: [﴿فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ لمِا كان من قَوْلكم قبل النهيِ ﴿رَحِيمًا﴾ بكُم في ذلك]، قوله: [﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾
(^١) انظر: مجموع الفتاوى (٩/ ٣٠٣)، والتبيان في أقسام القرآن لابن القيم (ص: ٤٠٤). (^٢) انظر: مجموع الفتاوى (٩/ ٣٠٣ - ٣٠٤). (^٣) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، رقم (٥٢)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم (١٥٩٩)، من حديث النعمان بن بشير ﵄.
1 / 54