وقوله تعالى: ﴿أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [خَيْرًا]، فإذا كُنَّا فسَّرْنا الأوَّل بالهَلاك والهَزيمة، فالمُراد بالخَيْر هنا النَّصْر والبَقاء.
قال المفسر ﵀: [﴿وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي: غيره ﴿وَلِيًّا﴾ يَمنَعهم ﴿وَلَا نَصِيرًا﴾ يَدفَع الضُّرَّ عنهم]؛ أي: لا يَجِدون لهم -أي: هؤلاء الذين فرُّوا من القِتال- أحَدًا يَنفَعهم، أو يَجلِب لهم الخَيْر، أو يَدفَع عنهم الضُّرَّ، لا يَجِدون وَليَّا، والوليُّ هو مَن يَتولَّى أمرًا، ويَعتَنِي به، فهؤلاء لا يَجِدون أحَدًا سِوَى اللَّه تعالى.
وقوله ﷾: ﴿وَلِيًّا﴾ يَعنِي: بالو لاية العامة؛ لأن ولاية اللَّه ﷾ تَنقَسِم إلى قِسْمَيْن:
ولاية عامَّة: تَشمَل كلَّ أحَدٍ.
وولاية خاصَّة: للمُؤمِنين فقَطْ.
قال اللَّه تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: ١١].
أمَّا في المَعنَى العامّ فمِثْل قوله ﷾: ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ﴾ [الأنعام: ٦٢]، فإن هذه هي الولاية العامَّة؛ لأن اللَّه تعالى وَليٌّ على كل أحَد بالمَعنَى العامِّ الذي هو التَّدْبير والمُلْك والسُّلطان.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا نَصِيرًا﴾ النَّصير: هو الذي يَنصُرُك عند مُلاقاة الأعداء ويَمْنَعُك منهم، فهؤلاء ليس لهم أحَد يَتَوَلَّاهم لجلْب الخير لهم، ولا يَنصُرهم لدَفْع الضَّرَر عنهم؛ لأن الأَمْر كلَّه للَّه تعالى.