126

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الصَّحيحُ: أنَّ (لن) لا تَطلُب التَّأبيد كما قال ابن مالِكٍ ﵀ (^١): وَمَنْ رَأَى النَّفْيَ بِلَنْ مُؤَبَّدَا ... فَقَوْلَهُ ارْدُدْ، وَسِوَاهُ فَاعْضُدَا فلا يُمكِن أن تَأتِيَ للتأبيد أبَدًا يَعنِي: مَعناه: لا تَسْتَلزِم التأبِيد وإلَّا قد تُفيده؛ ولهذا قال أهل السُّنَّة: إن قول اللَّه تعالى لمُوسى ﵇: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣] لا يَستَلزِم أنه لا يَرَى اللَّه تعالى لا في الدنيا ولا في الآخِرة، وأمَّا المُعتَزِلة ومُنْكِرو رُؤية اللَّه ﷾ فإنهم يَقولون: (لَنْ) تُفيد التأبيد، فتَدُلُّ على أنَّ اللَّه تعالى لن يُرَى أبدًا. يَقول اللَّه تعالى: ﴿لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ﴾ يَعنِي: فإنْ لَم تَفِرُّوا من الموت أو القَتْل نفَعكم الفِرارُ، هذا القيد لِبَيانٍ واقِع، لأنه لا فِرارَ إلَّا إذا فَرُّوا، فإنه لا يَنفَعُهم أيُّ شيء من الموت أو القَتْل. قال ﷾: ﴿وَإِذًا﴾ يَعنِي: لو فُرِض أنكم فرَرْتُم من الموت أو القَتْل، قال ﵀: [﴿وَإِذًا﴾ إن فرَرْتم ﴿لَا تُمَتَّعُونَ﴾ في الدنيا بعد فراركم ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ بقية آجالِكم]، يَعنِي: على فَرْض أنكم فرَرْتُم من الموت أو من القَتْل، فهل ستَبقَوْن في الحياة؟ لا، لا يَبقَوْن إن فرُّوا، ولا يُمتَّعون إلَّا قليلًا، وهو بَقيَّة آجالِهم. وهذا على تَقدير فِرارهم، وحينئذٍ ما الفائِدة من أن يَدَع الإنسان القِتال المَفروض عليه ويُولِّي الدُّبر لأَمْر قد يَنفَعُه وقد لا يَنفَعُه، فقد يَموت في حال تَولِّيه، وقد يَبقَى ويُعَمَّر، لكن لو بَقِيَ وعُمِّر هل سيَبقَى أبدًا؟ لا، فلا يُمتَّع إلَّا قليلًا، ومَهما طال الأمَد به فإنه قليل.

(^١) انظر: شرح الكافية لابن مالك (٣/ ١٥١٥).

1 / 131