115

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الاعتِزاز بالوطَن -حميَّةً للوطن- من صِفات المُنافِقين؛ لقوله ﷾: ﴿يَاأَهْلَ يَثْرِبَ﴾، وقَصدُهم بذلك إِحْمَاءُ حمِيَّتهم الوطنية، وأمَّا الحديث الذي يُرْوَى: "حُبُّ الوَطَنِ مِنَ الإِيمَانِ" (^١)، فإنه كذِب على الرسول ﵊، وليس صحيح. أمَّا الاعتِزازُ بالوطَن لكَوْنه إسلاميًّا فهذا لا بأسَ بِه. الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: جَواز تَسْمِية المدينة بيَثرِبَ، هكذا استَدَلَّ به بعضهم، ووجهُ قول هذا القائِلِ: إن اللَّه تعالى حَكاه عنهم وأَقرَّه، ولكن بعض أهل العِلْم ﵏ قال: لا يَدُلُّ على ذلك، بل إنما يَدُلُّ على العكس، وأن تَسميتها بيَثرِبَ إنما يَكون من المُنافِقين؛ لأن اللَّه تعالى يَحكِي الكُفْر عن الكافِرين، فيَحكِي كلَّ ما يقوله هؤلاءِ الكُفَّارُ، من المُنافِقين وغيرهم، وهل ما حَكاه عنه من الكُفْر إقرارٌ له؟ الجوابُ: لا، إذَنْ: يُسْتَفاد من الآية أن تَسْمية المدينة بيَثرِبَ من شأن المُنافِقين؛ ولهذا قال النبيُّ ﷺ: "يَقُولُونَ: يَثْرِبُ. وَهِيَ المَدِينَةُ" (^٢)، وهذا وَاضِح بأن الرسول ﵊ لم يَرتَضِ بهذه التَّسميةِ. ويَتفرَّع على هذه الفائِدةِ: بيانُ ما كان عليه من أُولئِك المُؤرِّخين -لا نَقول: العرَب بَل نَقول: الإسلامِيِّين- الذين هم إمَّعَة، جاء المُستَشرِقون فكانوا يَتحَدَّثون عن الرسول ﷺ باسْمِ محُمَّد فقَطْ قالوا: محُمَّد. كما قال الكُفَّار في عهد الرسول ﵊، ويَتحَدَّثون عن المدينة بأنها يَثرِبُ، فجاء هؤلاء المَساكينُ يُقلِّدون أُولئكَ المُستَشرِقين، فساروا يُعبِّرُون عن الرسول بكلِمة محُمَّدٍ، ويُعبِّرون عن المدينة

(^١) انظر: الموضوعات للصغاني رقم (٨١)، والمقاصد الحسنة للسخاوي رقم (٣٨٦)، والفوائد المجموعة للشوكاني رقم (١٧٤). (^٢) أخرجه البخاري: كتاب فضائل المدينة، باب فضل المدينة، رقم (١٨٧١)، ومسلم: كتاب الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم (١٣٨٢)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 120