Tafsir al-Tabari - Jami' al-Bayan
تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث
Numéro d'édition
بدون تاريخ نشر
Genres
قالوا: وإذْ كان ذلك كذلك، صحَّ ما قلنا من أن تأويل قول الله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، إنما هم الذين يؤمنون بما غاب عنهم من الجنة والنار، والثَّواب والعقاب والبعث، والتصديقِ بالله ومَلائكته وكُتُبه ورسله، وجميع ما كانت العرب لا تدينُ به في جاهليِّتها، مما أوجب الله جل ثناؤه على عِبَاده الدَّيْنُونة به - دون غيرهم.
* ذكر من قال ذلك:
٢٧٧- حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حمّاد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مُرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ: أما (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، فهم المؤمنون من العرب، (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) . أما الغيب فما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار، وما ذكر الله في القرآن. لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصل كتاب أو علم كان عندهم. (والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) هؤلاء المؤمنون من أهل الكتاب (١) .
وقال بعضهم: بل نزلت هذه الآيات الأربع في مؤمني أهل الكتاب خاصة، لإيمانهم بالقرآن عند إخبار الله جل ثناؤه إياهم فيه عن الغيوب التي كانوا يخفونها بينهم ويسرونها، فعلموا عند إظهار الله جل ثناؤه نبيه ﷺ على ذلك منهم في تنزيله، أنه من عند الله جل وعز، فآمنوا بالنبي ﷺ، وصدقوا بالقرآن وما فيه من الإخبار عن الغيوب التي لا علم لهم بها، لما استقر عندهم - بالحجة التي احتج الله ﵎ بها عليهم في كتابه، من الإخبار فيه عما كانوا يكتمونه من ضمائرهم - أن جميع ذلك من عند الله.
(١) الخبر ٢٧٧- سبق أوله بهذا الإسناد: ٢٧٣. ولم يذكره ابن كثير بهذا اللفظ المطول. وقد مضى في شرح ٢٧١ أن السيوطي جمع الألفاظ الثلاثة: ٢٧١، ٢٧٣، ٢٧٧ في سياقة واحدة!
1 / 238