Tafsir al-Tabari - Jami' al-Bayan

Al-Tabari d. 310 AH
109

Tafsir al-Tabari - Jami' al-Bayan

تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث

Numéro d'édition

بدون تاريخ نشر

Genres

ولو وَجب أنْ يكون معنى قوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ فإذا ألَّفناه فاتبع ما ألَّفنا لك فيه - لوجب أن لا يكون كان لزِمه فرضُ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ ولا فرضُ ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ [سورة المدثر: ١، ٢] قبل أن يؤلَّف إلى ذلك غيرُه من القرآن. وذلك، إنْ قاله قائل، خروجٌ من قول أهل المِلَّة. وإذ صَحَّ أن حكم كلّ آية من آي القرآن كانَ لازمًا النبيَّ ﷺ اتباعُه والعملُ به، مؤلَّفة كانت إلى غيرها أو غيرَ مؤلَّفة -صحّ ما قال ابن عباس في تأويل قوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ أنه يعني به: فإذا بيَّناه لك بقراءتنا، فاتبع ما بيناه لك بقراءتنا- دون قول من قال: معناه، فإذا ألَّفناه فاتَّبع ما ألفناه. وقد قيل إن قول الشاعر: ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ عُنْوانُ السُّجُودِ بِه ... يُقَطِّع الَّليلَ تَسْبِيحًا وقُرْآنَا (١) يعني به قائله: تسبيحًا وقراءةٌ. فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يسمى "قرآنًا" بمعنى القراءة، وإنما هو مقروء؟ قيل: كما جاز أن يسمى المكتوب "كتابًا"، بمعنى: كتاب الكاتب، كما قال الشاعر في صفة كتاب طَلاقٍ كتبه لامرأته: تُؤَمِّل رَجْعةً مِنّى، وفيها ... كِتابٌ مثلَ ما لَصِق الغِرَاءُ (٢)

(١) البيت لحسان بن ثابت، ديوانه: ٤١٠، وضحى: ذبح شاته ضحى النحر، وهي الأضحية. واستعاره حسان لمقتل عثمان في ذي الحجة سنة ٣٥، ﵄. والعنوان: الأثر الذي يظهر فتستدل به على الشيء. (٢) لم أجد هذا البيت في شيء من المراجع التي بين يدي. وتنصب "مثل" على أنه بيان لحال المفعول المطلق المحذوف، وتقديره: "كتاب لاصق لصوقًا مثل ما لصق الغراء"

1 / 97