Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

Al-Tabari d. 310 AH
105

Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

Chercheur

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

Maison d'édition

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Genres

وَاحِدٍ، فَعَادَ إِلَى مَا قَدْ جَعَلَهُ بِمَعْنَيَيْنِ، فَجَعَلَهُ مِثَالَ مَا هُوَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَا الرَّحْمَةِ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّ لَهُ الرَّحْمَةَ وَصَحَّ أَنَّهَا لَهُ صِفَةٌ، وَأَنَّ الرَّاحِمَ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِأَنَّهُ سَيَرْحَمُ، أَوْ قَدْ رَحِمَ فَانْقَضَى ذَلِكَ مِنْهُ، أَوْ هُوَ فِيهِ. وَلَا دَلَالَةَ لَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ أَنَّ الرَّحْمَةَ لَهُ صِفَةٌ، كَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهَا لَهُ صِفَةٌ إِذَا وَصَفَهُ بِأَنَّهُ ذُو الرَّحْمَةِ. فَأَيْنَ مَعْنَى الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلَى تَأْوِيلِهِ مِنْ مَعْنَى الْكَلِمَتَيْنِ يَأْتِيَانِ مُقَدَّرَتَيْنِ مِنْ لَفْظٍ وَاحِدٍ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ وَاتِّفَاقِ الْمَعَانِي؟ وَلَكِنَّ الْقَوْلَ إِذَا كَانَ غَيْرَ أَصْلٍ مُعْتَمَدٍ عَلَيْهِ كَانَ وَاضِحًا عُوَارُهُ. وَإِنَّ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَلِمَ قُدِّمَ اسْمُ اللَّهِ الَّذِي هُوَ اللَّهُ عَلَى اسْمِهِ الَّذِي هُوَ الرَّحْمَنُ، وَاسْمُهُ الَّذِي هُوَ الرَّحْمَنُ عَلَى اسْمِهِ الَّذِي هُوَ الرَّحِيمُ؟ قِيلَ: لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ إِذَا أَرَادُوا الْخَبَرَ عَنْ مُخْبِرٍ عَنْهُ أَنْ يُقَدِّمُوا اسْمَهُ، ثُمَّ يُتْبِعُوهُ صِفَاتَهُ وَنُعُوتَهُ. وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي الْحُكْمِ: أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ مُقَدَّمًا قَبْلَ نَعْتِهِ وَصِفَتِهِ، لِيَعْلَمَ السَّامِعُ الْخَبَرَ عَمَّنِ الْخَبَرُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ لِلَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ أَسْمَاءٌ قَدْ حَرَّمَ عَلَى خَلْقِهِ أَنْ يَتَسَمَّوْا بِهَا خَصَّ بِهَا نَفْسَهُ دُونَهُمْ، وَذَلِكَ مِثْلُ اللَّهِ، وَالرَّحْمَنِ وَالْخَالِقِ؛ وَأَسْمَاءٍ أَبَاحَ لَهُمْ أَنْ يُسَمِّيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِهَا، وَذَلِكَ كَالرَّحِيمِ، وَالسَّمِيعِ، وَالْبَصِيرِ، وَالْكَرِيمِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ؛ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَدِّمَ أَسْمَاءَهُ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً دُونَ جَمِيعِ خَلْقِهِ، لِيَعْرِفَ السَّامِعُ ذَلِكَ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْحَمْدُ وَالتَّمْجِيدِ ثُمَّ يُتْبِعُ ذَلِكَ بِأَسْمَائِهِ الَّتِي قَدْ تَسَمَّى بِهَا غَيْرُهُ، بَعْدَ عِلْمِ الْمُخَاطَبِ أَوِ السَّامِعِ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ مَا يَتْلُو ذَلِكَ مِنَ الْمُعَانِي،

1 / 132