[التغابن: 16]. الذي يتقي الله حق تقاته خير، أم الذي يتقي الله ما استطاع؟ طبعا حق تقاته خير من قدر الاستطاعة.. ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: { نأت بخير منها } [البقرة: 106].. نقول إنك لم تفهم عن الله..
اتقوا الله حق تقاته
[آل عمران: 102] في الآية الأولى أو
فاتقوا الله ما استطعتم
[التغابن: 16] في الآية الثانية.. أي الحالتين أحسن؟ نقول إن العبرة بالنتيجة.
. عندما تريد أن تقيم شيئا لابد أن تبحث عن نتيجته أولا. ولنقرب المعنى للأذهان سنضرب مثلا ولله المثل الأعلى.. نفرض أن هناك تاجرا يبيع السلع بربح خمسين في المائة.. ثم جاء تاجر آخر يبيع نفس السلع بربح خمسة عشر في المائة.. ماذا يحدث؟ سيقبل الناس طبعا على ذلك الذي يبيع السلع بربح خمسة عشر في المائة ويشترون منه كل ما يريدون، والتاجر الذي يبيع السلع بربح خمسين في المائة يحقق ربحا أكبر.. ولكن الذي يبيع بربح خمسة عشر في المائة يحقق ربحا أقل ولكن بزيادة الكمية المبيعة.. يكون الربح في النهاية أكبر. والذي يطبق الآية الكريمة:
اتقوا الله حق تقاته
[آل عمران: 102] يحقق خيرا أكبر في عمله.. ولكنه لا يستطيع أن يتقي الله حق تقاته إلا في أعمال محدودة جدا. إذن الخير هنا أكبر ولكن العمل الذي تنطبق عليه الآية محدود. أما قوله تعالى:
فاتقوا الله ما استطعتم
[التغابن: 16] فإنه قد حدد التقوى بقدر الاستطاعة.. ولذلك تكون الأعمال المقبولة كثيرة وإن كان الأجر عليها أقل. عندما نأتي إلى النتيجة العامة.. أعمال أجرها أعلى ولكنها قليلة ومحدودة جدا.. وأعمال أجرها أقل ولكنها كثيرة.. أيهما فيه الخير؟ طبعا الأعمال الكثيرة ذات الأجر الأقل في مجموعها تفوق الأعمال القليلة ذات الأجر المرتفع. إذن فقد نسخت هذه الآية بما هو خير منها.. رغم أن الظاهر لا يبدو كذلك، لأن اتقاء الله حق تقاته خير من اتقاء الله قدر الاستطاعة.. ولكن في المحصلة العامة الخير في الآية التي نصت على الاستطاعة.. نأتي بعد ذلك إلى قوله تعالى: { أو مثلها } [البقرة: 106].. هنا توقف بعض العلماء: قد يكون مفهوما أن ينسخ الله آية بخير منها، ولكن ما هي الحكمة في أن ينسخها بمثلها؟ إذا كانت الآية التي نسخت مثل الآية التي جاءت.. فلماذا تم النسخ؟ نقول إننا إذا ضربنا مثلا لذلك فهو مثل تغيير القبلة.. إن الله تبارك وتعالى حين أمر المسلمين بالتوجه إلى الكعبة بدلا من بيت المقدس نسخ آية بمثلها.. لأن التوجه إلى الكعبة لا يكلف المؤمن أية مشقة أو زيادة في التكليف.. فالإنسان يتوجه ناحية اليمين أو إلى اليسار أو إلى الأمام أو إلى الخلف وهو نفس الجهد.. والله سبحانه وتعالى كما قلنا موجود.. وهنا تبرز الطاعة الإيمانية التي تحدثنا عنها وأن هناك أفعالا نقوم بها لأن الله قال.. وهذه تأتي في العبادات لأن العبادة هي طاعة عابد لأمر معبود.. والله تبارك وتعالى يريد أن نثبت العبودية له عن حب واختيار.. فإن قال افعلوا كذا فعلنا.
Page inconnue