Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

Muhammad al-Hilal d. Unknown
47

Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

تفسير القرآن الثري الجامع

Genres

سورة البقرة [٢: ٣٦] ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾: ﴿الشَّيْطَانُ﴾: كلمة الشيطان، اشتقت من شطن؛ أي: بعُد عن الحق، والخير، وتمادى في الشر، أو شاط: احترق، ومنه؛ شاط الطعام؛ أي: احترق، أو الشاطن؛ أي: الخبيث. والرجيم: يعني: المرجوم، بالشهب، والمرجوم؛ الملعون، والرجيم؛ المطرود، أو المبعد، عن رحمة الله تعالى. ﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾: الفاء؛ تدل على المباشرة، والسرعة، يقال: أزلت الشيء عن مكانه، إزالة؛ أي: نحيته، وأذهبته عنها، ﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾؛ أي: أبعدهما عن الجنة، أو نحاهما عن الجنة، ﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾؛ قد تعني أوقعهما في الخطيئة، أو الزلة، والزلة ليست بالضرورة، تكون إلى محل أدنى، بل يمكن أن تكون في المكان نفسه، بعكس التدلية كما في قوله: ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ﴾، لا تكون إلَّا من أعلى إلى أسفل. ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾: من الجنة، والنعيم، والكرامة، ونسب الإخراج إلى إبليس، الذي تولى إغواء آدم، من أكل من الشجرة، بعد أن تغلبت عليه وساوس الشيطان. ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا﴾: لم يقل: منها، ولا إلى أين، فهذا يشير إلى هبوط مكانة، وليس هبوطًا من مكان، إلى مكان؛ أي: نزول. ﴿اهْبِطُوا﴾: يشمل هبوط آدم، وزوجته، والشيطان. وقيل: آدم وذريته، وإبليس وذريته، أما قوله تعالى: ﴿اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ [طه: ١٢٣] تعني: آدم وإبليس، وآدم تعني: آدم وزوجته؛ ارجع إلى سورة طه آية (١٢٣) للبيان. ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾: أي: شياطين البشر للبشر عدو، شياطين الجن للبشر عدو، وأولياء الله عدو لأولياء الشيطان، ولم يقل: كلكم، وإنما قال ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾. ﴿وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾: في: ظرفية مكان، استقرار، وإقامة. ﴿وَمَتَاعٌ﴾: كل ما ينتفع به، وما يُمتع به القليل، أو الكثير من الطعام، والشراب، واللباس، والسلعة، والأداة، والمال. ﴿إِلَى حِينٍ﴾: إلى: حرف يستعمل لكل الغايات (البداية، أو النهاية، أو المنتصف…)، بينما حتّى حرف يستعمل لنهاية الغاية. إلى حين موتكم، أو انقضاء أجلكم، إلى حين، ولم يقل: حتّى حين، وحين تعني: فترة زمنية غير محددة، قد تطول، أو تقصر، سنين، أو شهورًا، أو أيامًا، أو ساعاتٍ. حتّى: تعني: الوصول إلى نهاية الغاية، نهاية الغاية هي الموت، وهو القيامة الصغرى، سواء أكان الموت العادي، أم الموت بأسباب أخرى…

1 / 43