64

Tafsir al-Baghawi - Revival of Heritage

تفسير البغوي - إحياء التراث

Chercheur

عبد الرزاق المهدي

Maison d'édition

دار إحياء التراث العربي

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٠ هـ

Lieu d'édition

بيروت

Genres

الِاسْمُ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ وَلَا مَعَ غَيْرِ الْبَاءِ، وَالِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى وَعَيْنُهُ وَذَاتُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى [مَرْيَمَ: ٧]، أَخْبَرَ أَنَّ اسْمَهُ يَحْيَى ثُمَّ نَادَى الِاسْمَ فَقَالَ: يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ [مريم: ١٢]، وَقَالَ: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها [يُوسُفَ: ٤٠] وَأَرَادَ [بالأسماء] [١] الْأَشْخَاصَ الْمَعْبُودَةَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمُسَمَّيَاتِ وَقَالَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ [الأعلى: ١]، وتَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ [الرحمن: ٧٨] ثُمَّ يُقَالُ لِلتَّسْمِيَةِ أَيْضًا اسْمٌ، فَاسْتِعْمَالُهُ فِي التَّسْمِيَةِ أَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى، فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى التَّسْمِيَةِ مِنَ اللَّهِ لِنَفْسِهِ؟ قِيلَ: هو تعليم للعباد كيف يستفتحون الْقِرَاءَةَ، وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهِ، قَالَ الْمُبَرِّدُ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ، فَكَأَنَّهُ عَلَا عَلَى مَعْنَاهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ وصار معناه [لا] [٢] تَحْتَهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ: هو [مشتق] [٣] مِنَ الْوَسْمِ وَالسِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ وكأنه علامة لمعناه وعلامة للمسمى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ يُصَغَّرُ عَلَى سمي، ولو كان من السمت لَكَانَ يُصَغَّرُ عَلَى الْوُسَيْمِ كَمَا يُقَالُ فِي الْوَعْدِ وُعَيْدٌ، وَيُقَالُ فِي تَصْرِيفِهِ: سَمَّيْتُ، وَلَوْ كَانَ مِنَ الْوَسْمِ لَقِيلَ: وَسَمْتُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: اللَّهِ قَالَ الْخَلِيلُ وَجَمَاعَةٌ: هُوَ اسْمُ عَلَمٍ خَاصٌّ لِلَّهِ ﷿ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ كَأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ لِلْعِبَادِ، مِثْلَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: هُوَ مُشْتَقٌّ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهِ فَقِيلَ: مِنْ أَلَهَ إِلَاهَةً أَيْ: عَبَدَ عِبَادَةً، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ «ويذرك وإلا هتك [٤]» أي: عبادتك معناه أنه المستحق لِلْعِبَادَةِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ إِلَهٍ، قَالَ اللَّهُ ﷿: وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٩١]، قَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَلَهْتُ إِلَى فُلَانٍ أَيْ سَكَنْتُ إِلَيْهِ، قَالَ الشَّاعِرُ: أَلَهْتُ إِلَيْهَا وَالْحَوَادِثُ جَمَّةٌ [٥] فَكَأَنَّ الْخَلْقَ يَسْكُنُونَ إِلَيْهِ وَيَطْمَئِنُّونَ بِذِكْرِهِ، يقال: أَلَهْتُ إِلَيْهِ أَيْ: فَزِعْتُ إِلَيْهِ، وقال الشَّاعِرُ: أَلَهْتُ إِلَيْهَا وَالرَّكَائِبُ وُقَّفٌ [٦] وَقِيلَ: أَصْلُ الْإِلَهِ وِلَاهٌ، فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ بِالْهَمْزَةِ مِثْلَ وِشَاحٍ وَإِشَاحٍ، اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْوَلَهِ لِأَنَّ الْعِبَادَ يَوْلَهُونَ إِلَيْهِ، أَيْ يَفْزَعُونَ إِلَيْهِ في الشدائد ويلجؤون إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ كَمَا يَوْلَهُ كُلُّ طِفْلٍ إِلَى أُمِّهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْوَلَهِ وَهُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ لِفَقْدِ مَنْ يَعِزُّ عَلَيْكَ. قَوْلُهُ: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: هُمَا اسْمَانِ رَقِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنَ الْآخَرِ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِمَا، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِثْلَ نَدْمَانٍ وَنَدِيمٍ، وَمَعْنَاهُمَا ذُو الرَّحْمَةِ، وَذِكْرُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ تَطْمِيعًا لِقُلُوبِ الرَّاغِبِينَ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ إِنْعَامٌ بَعْدَ إِنْعَامٍ وَتَفَضُّلٌ بَعْدَ تَفَضُّلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فقال: للرحمن معنى العموم، وللرحيم معنى الْخُصُوصِ، فَالرَّحْمَنُ بِمَعْنَى الرَّزَّاقِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ عَلَى الْعُمُومِ لِكَافَّةِ الخلق، والرحيم بمعنى العافي [٧] فِي الْآخِرَةِ وَالْعَفْوُ فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْخُصُوصِ. وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الدُّعَاءِ: يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَرَحِيمَ الْآخِرَةِ، فَالرَّحْمَنُ مَنْ تَصِلُ رحمته إلى الخلق على

(١) سقط من المطبوع. (٢) زيد في المطبوع. (٣) سقط من المطبوع. (٤) قراءة حفص ورسم المصحف وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [الأعراف: ١٢٧] . [.....] (٥) ذكره ابن منظور في «اللسان» ولم ينسبه لأحد وفيه «إلينا» بدل «إليها» . (٦) هو في «اللسان» بدون نسبة. (٧) في المطبوع «المعافى» .

1 / 71